صيغ اليمين والنذور:
لقد قسم شيخ الإسلام ابن تيمية صيغ القسم إلى قسمين، ويبني على هذا التقسيم مسائل مهمة من اختياراته الفقهية في باب الأيمان والنذور وهما كما يلي:
صيغة القسم:
وهي أن يذكر المحلوف به والمحلوف عليه صيغة منجزة غير معلقة، كأن يقول: والله لأفعلن، والله لن أفعل، علي الطلاق لأفعلن، وعلي الصدقة لا فعلت كذا، وهي أغلب ما تستخدم في اليمين، وقد تستخدم في النذر، وهي كما تستخدم في اليمين بالله وتستخدم مع سائر الأيمان الأخرى كما مثلنا. يقول ابن قدامة: وقد استعمل الطلاق والعتاق استعمال القسم، وجعل جواباً له، فإذا قال: أنتِ طالق لأقومن، وقام لم تطلق، فإن لم يقم في الوقت الذي عينه حنث، وكان هذا قول أكثر أهل العلم؛ لأنه حلف برّ به فلم يحنث، كما لو حلف بالله تعالى.
صيغة التعليق والجزاء:
وهي التي يذكر فيها المحلوف به والمحلوف عليه ولكن بصورة معلقة على شرط أو صفة أو نحوها، كأن يقول إن فعل كذا فهو يهودي أو نصراني أو بريء من الإسلام، أو إن فعلت كذا فامرأتي طالق، أو فعلي صدقة، ونحو ذلك، وهي على عكس الأولى أغلب ما تستعمل في النذر والتعليق المحض، وقد تستخدم في اليمين.
ضابط التفريق بين الصيغتين:
إن كل واحدة من هاتين الصيغتين تشتمل على جملتين، مقسم به، ومقسمٌ عليه، ولدى النظر في كل واحدة منهما نجد المقسم به مقدماً في صيغة القسم، ومؤخراً في صيغة الجزاء والمقسم عليه مقدماً في صيغة الجزاء مؤخراً في صيغة الجزاء والمقسم عليه مقدماً في صيغة الجزاء مؤخراً في صيغة القسم، فمثلاً: لو قلنا في صيغة القسم والله لأفعلن، أو علي الطلاق لأفعلن، فالمُقسم به هو الله تعالى في المثال الأول، والطلاق في المثال الثاني مقدم، والمقسم عليه وهو الفعل مؤخر.
ولو قال في صيغة الجزاء مثلاً: إن فعل كذا فهو يهودي أو نصراني أو إن فعلت كذا فامرأتي طالق، فقد انعكس الأمر فالمُقسم به هنا وهو التزام الكفر في المثال الأول، ووقوع الطلاق في المثال الأول، ووقوع الطلاق في المثال الثاني مؤخرا، والمُقسم عليه وهو الفعل فيهما مقدم. ولهذا فإن شيخ الإسلام ابن تيمية يضبط التفريق بين هاتين الصيغتين بقوله “المُقدم في صيغة القسم مُؤخر في صيغة الجزاء والمؤخر في صيغة الجزاء مقدم في صيغة القسم، والشرط المثبت في إحداهما منفي في الأخرى”.