تجاوز الموظفين حدود وظائفهم وتقصيرهم في أداء واجباتهم:
إن خروج أي موظف عن حدود وظيفته، وكل تقصيرٍ منه في أداء واجبات هذه الوظيفة تعتبره الشريعة الإسلامية من الجرائم التي تستوجب عقوبة التعزير، ولذلك يجب المحافظة على حسن أداء الوظيفة وانتظامِ دولاب العمل الحكومي وحتى تصل الخدمات المقصودة من الوظائف العامة إلى جهاتها وأربابها على أتم خير وجهة. وتجاوز الموظف حدود وظيفته وتقصيره في أداء ما توجبه عليه الوظيفة له صورٌ شتى منها:
- امتناع القاضي عن الحكم: فإذا امتنع أحد القضاة عن الحكم، وذلك بأن يأبى أو يتوقف عن إصدار الحكم، بعد أن يتصل بالدعوى بالطريق الذي ترسمه القوانين؛ فإنه يُعزل ويُعزر على تلك الفعلة، كما ويُعزر بتأخير الحكم دون مسوغ، وهذا المسلك من الشريعة الإسلامية من شأنه أن يؤدي إلى حُسن سير القضاء وسرعة الفصل في القضايا.
- جور القاضي: إذا جار القاضي في قضائه عمداً، فإنه يكون قد ارتكب جريمة منكرة يستحق بسببها أن يُعزر، كما يُعزل عن القضاء؛ لظهور خيانته فيما جعل أمنياً فيه إذا لم يُعد، بعد أن جار عمداً في قضائه، صالحاً لتولي منصب القضاء كما يضمن في ماله؛ لأنه فيما جار فيه ليس بقاض، ولكنه إتلاف بغير حق فيكون فيه كغيره في إيجاب الضمان عليه في ماله.
- واجبات الوظيفة ترك العمل أو الامتناع عمداً عن تأويه الوظيفة: إن كل عمل من شأنه عرقلة الجهاز الحكومي أو تعطيله أو عدم انتظامه، تعتبره الشريعة الإسلامية جريمة تستوجب التعزير، والغرض من ذلك هو ضمان حُسن سير العمل في الوظائف العامة، حتى تقوم الدولة بواجباتها عموماً على أكمل وجهٍ وأتم نظام.
وعلى ذلك إذا ترك جماعةً من الموظفين عملهم، أو امتنعوا عمداً عن تأدية واجبٍ من واجبات وظيفتهم، متفقين على ذلك أو قاصدين تحقيق غرضٍ مشترك، فإنهم يُعزرون على هذه الجريمة التي ليست فيها عقوبة مقدرة، كما ويُعزر أيضاً كل من تركَ عملهُ أو امتنع عن عملٍ من أعمال الوظيفة قاصداً فيه عرقلة سير العمل، أو الإخلال بانتظامهِ ويُعزر عموماً كل من يتمرد في وظيفته، أو يُستعمل القوة أو العنف مع رؤسائه ويترك عمله. وإذا بقي المتمردون شاهرين سلاحهم مصرّين على فعلهم، ولم يمكن دَفعهم إلاّ بالقتل يُقتلون.