الصيام وكفارة اليمين:
إن الصيام هو أحد خصال كفارة اليمين ولا يُجزئ إلا بعدة بشروط:
- العجز عن الإطعام أو الكسوة أو العتق: فإذا عجز عن ذلك كله فإنه ينتقل إلى الصنف الرابع وهو الصيام، وذلك لقول الله تعالى: “فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ۖ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ” المائدة: 89. أما إن انتقل إلى الصيام وهو واجد قادرٌ على واحدة من الأصناف الثلاثة، فإن صومه هذا لا يكفر عن يمينه. قال ابن المنذر: وأجمعوا على أن الحالف الواجد للإطعامِ أو الكسوة أو الرقبة لا يجزئه الصوم إذا حنث في يمينه.
- وجوب النية قبل الفجر؛ لأنه صيام واجب، فعن حفصة عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: “من لم يُبيت الصيام قبل الفجر، فلا صيام له” أخرجه النسائي.
- التتابع في الصيام، هل يشترط التتابع في الصيام. واختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين وهما:
القول الأول: يُشترط التتابع، وهو مذهب الحنفية، والحنابلة، وقول في مذهب الشافعي.
القول الثاني: بأنه يُشترط التتابع، وهو قول المالكية والشافعية.
وكان سبب اختلافهم في ذلك الأمر شيئان:
الأول: هل يجوز العمل بالقراءة الشاذة، وذلك أن في قراءة عبد الله بن مسعود: فصيام ثلاثة أيامٍ متتابعات. ودليل أصحاب الأمر الأول هو قراءة ابن مسعود رضي الله عنه ” ثلاثة أيام متتابعة” والقراءة الشاذة تقوم مقام خبر الواحد في وجوب العمل؛ لأنها منقولة عن الرسول عليه الصلاة والسلام. ولأنه صومٌ تكفير فيه عتق، فوجب أن يكون التتابع مع شرطهِ قياساً على كفارة القتل والظهار. وحمل المطلق على ما قيد في كفارة القتل من الأيمان فلزمه أن يحمل إطلاق هذا الصيام على ما قيد من تتابعه في القتل.
الثاني: اختلافهم هل يحمل الأمر بمطلق الصوم على التتابع، أم ليس يحمل؟ إذا كان الأصل في الصيام الواجب بالشرع إنما هو التتابع. ودليل أصحاب هذا القول ما يلي:
– أن ما ورد به القرآن من إطلاق صيامها فاقتضى الظاهر إجزاء صيامها في حالتي تتابعها وتفريقها.
– لا يجب حمله على المقيد من كفارة الظهار؛ لتردد هذا الإطلاق بين أصلين يجب التتابع في أحدها وهو كفارة الظهار، ولا يجب في الآخر وهو قضاء رمضان فلم يكن أحد الأصلين في التتابع بأولى من الآخر.
– ولأنه صومٌ يتردد موجبهُ بين إباحةٍ وحظر، فوجب أن لا يستحق فيه التتابع قياساً على قضاء رمضان.