ما هي فوائد إجابة النداء في الصلاة؟

اقرأ في هذا المقال


فوائد إجابة النداء في الصلاة:

إنّ فوائد إجابة المؤذن بالقول كثيرة لا تحصر، ولكن منها الفوائد الآتية:

أولاً: قوله عليه الصلاة والسلام: إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن، فقال الحافظ ابن حجر، قوله: “ما يقول” وقال الكرماني قال: “ما يقول” ولم يقل مثل ما قال، ليشعر بأنه يجيبه بعد كل كلمة، مثل كلمتها، ثم قال: قلت والصريح في ذلك ما رواه النسائي من حديث أم حبيبة: “أنه عليه الصلاة والسلام كان يقول كما يقول المؤذن حتى يسكت”، فلو لم يجاوبهُ حتى فرغ استحب له التدارك إن لم يطل الفصل.

ثانياً: وهو ما دلّ عليه حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وفيه ثم قال: “حيّ على الصلاة قال: حيّ على الفلاح، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله”. رواه مسلم. وحديث عثمان، وفيه أنه لما قال المؤذن: “حي على الصلاة، قال عثمان رضي الله عنه: لا حول ولا قوة إلا بالله”، وقال: “هكذا سمعنا نبيكم عليه الصلاة والسلام يقول” وهذان الحديثان يدلان على أنه يُستثنى من القول مثلما يقول المؤذن: “حيّ على الصلاة، وحيّ على الفلاح” فيقول بدلهما: لا حول ولا قوة إلا بالله، قال الإمام النووي رحمه الله: حديث أبي سعيد: وهو إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن عام مخصوص؛ لحديث عمر : أنه يقول في الحيعلتين: لا حول ولا قوة إلا بالله.

قال الإمام ابن الملقن رحمهُ الله: والمناسبة في جواب الحيعلة بالحوقلة: أن الحيعلة دعاء، فلو قالها السامع لكان الناس كلهم دعاةٌ، فمن يبقى المجيب؟ فحسن من السامع الحوقلة؛ لأنها تفويض محض إلى الله تعالى.

ثالثاً: لقد دلّ حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أن المشروع للمسلم أن يقول بعد تشهد المؤذن مثل قول المؤذن: فإذا قال المؤذن: “أشهد أن لا إله إلا الله”؛ فإن المتابع للمؤذن يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، يكررها مرتين مثل قول المؤذن، فإذا قال: أشهد أن محمداً رسول الله، قال المجيب: أشهد أنّ محمداً رسول الله، يكررها مرتين مثل قول المؤذن” رواه مسلم.

ودل حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: أن مجيب المؤذن يقول بعد انتهائه من إجابة المؤذن عند الشهادتين، فيقول بعد ذلك: “وأنا أشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، رضيتُ بالله رباً، وبمحمدٍ رسولاً، وبالإسلام ديناً” رواه مسلم.

رابعاً: “سماع النداء” أما ظاهر حديث جابر رضي الله عنه: “من قال حين يسمعُ النداء: اللهم  ربّ هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آتِ محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته حلّت له شفاعتي يوم القيامة” رواه البخاري. أنه يقول هذا الذكر حال سماع الأذان، ولا يتقيد بفراغه، ولكن قد بين المراد من حديث جابر، حديث عبد الله بن عمرو؛ فإنه قال فيه: “إذا سمعت المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلّوا عليّ؛ فإنهُ من صلّى عليّ صلاةً صلّى الله عليه بها عشراً، ثم سلوا لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجوا أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلّت له الشفاعة” رواه مسلم.

فدل هذا الحديث أن  أن حديث جابر رضي الله عنه: “اللهم ربّ هذه الدعوة التامة” يُقال بعد الفراغ من الأذان بعد الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وقد بين حديث عبد الله بن عمرو المُراد، وأنّ الحين محمول على ما بعد الفراغ.

خامساً: إجابة المؤذن تدل على عظيم الرغبة في الفوز بالفلاح، فإنّ معنى “حيّ على الصلاة، حي على الفلاح” أي معنى عظيم، قال الإمام النووي: “ومعنى حيّ على كذا: أي تعالوا إليه والفلاح: الفوز، والنجلة وإصابة الخير، قالوا: وليس في كلام العرب كلمة أجمعٌ للخير في لفظة الفلاح، فمعنى حيّ على الفلاح: أي تعالوا إلى سبب الفوز، والبقاء في الجنة، والخلود في النعيم”.

سادساً: إجابة المؤذن، بكلمة لا حول ولا قوة إلا بالله فيها الالتجاء إلى الله تعالى، واعتماد القلب عليه، فلا حول ولا قوة إلا بالله فيها الالتجاء إلى الله تعالى، واعتماد القلب عليه، فلا حول ولا قوة للعبد إلا به سبحانه، قال الإمام النووي رحمه الله، قال أبو الهيثم: الحول الحركة، أي لا حركة ولا استطاعة، إلا بمشيئة الله، وقيل: لا حول في دفع الشر، ولا قوة في تحصيل خير إلا بالله، وقيل: لا حول عن معصيتهِ إلا بعصمتهِ، ولا قوة على طاعته إلا بمعونته، وتحدث عن هذا ابن مسعود رضي الله عنه.

سابعاً: الوسيلة: وهي المنزلة عند الملك، وهي منزلة للنبي عليه عليه الصلاة والسلام في الجنة، من سألها للنبي عليه الصلاة والسلام حلت له الشفاعة، أي وجبت له، وقيل: نالته الشفاعة، والوسيلة: ما يتقرب به إلى الكبير، وتطلق على المنزلة العليّة، ويُقال: توسلت تقربت والواصل إلى تلك المنزلة قريب من الله، وهي علمٌ على أعلى منزلة في الجنة، وهي منزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم وداره، وهي أقرب أمكنة الجنة إلى عرش الرحمن عليه الصلاة والسلام.

ثامناً: وهي الأعمال التي يشترط لها القصد والإخلاص؛ وذلك لقوله عليه الصلاة والسلام، ثم قال: لا إله إلا الله من قلبه دخل الجنة. شرح النووي في صحيح مسلم.

تاسعاً: “الدعوة التامة”: وهي دعوةُ التوحيدِ مثل قول الله تعالى: “لَهُ دَعْوَةُ الْحَقّ” الرعد:14. وقيل: لدعوة التوحيد تامة؛ لأن الشرك نقص، أو التامة: التي لا يدخلها تغيير ولا تبديل، بل هي باقية إلى يوم النشور، أو لأنها هي التي تستحق صفة التمام، وما سواها فمعرَّضٌ للفساد، وقال ابن التين: وصفت لأن فيها أتم القول: “لا إله إلا الله”، وقال الطيبي: من أوله “أي الأذان” إلى قوله: محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، هي الدعوة التامة، وقيل: الدعوة التامة: هي الأذان، والتامة: أي الكاملة السالمة من كل نقص يتطرق إليها؛ لكمالها وعظم موقعها؛ لاشتمالها على تعظيم الله وتوحيده، والشهادة بالرسالة والدعوة إلى الخير.

عاشراً: “الصلاة القائمة”: أيّ الحيعلة: وهي الصلاة القائمة في قوله: “يُقِيمُونَ الصَّلاةَ”، ويحتمل أن يكون المراد بالصلاة الدعاء، وبالقائمة: الدائمة، مِنْ قام على الشيء إذا داوم عليه، وعلى هذا فقوله: “والصلاة القائمة”: بيان للدعوة التامة، ويحتمل أن يكون المراد بالصلاة: الصلاة المعهودة المدعو إليها حينئذ، وهو أظهر. وقيل: الصلاة القائمة: التي ستقوم وتُفْعَل بصفاتها.


شارك المقالة: