فوائد الزكاة وحكمها:
إنّ للزكاة فوائد عظيمة وجليلة وحكمٌ كثيرة، ومن أهمها ما يلي:
1- إنّ في تأدية الزكاة تتمةٌ لإسلام العبد؛ وذلك لأنّ الزكاة هي ركنٌ من أركان الإسلام، فإذا أدّى العبد الزكاة المفروضة فقد كمُل إسلامه، وهذا غاية عظيمة لكلّ مسلم، فكلُ مسلمٍ مؤمن يسعى لإكمال دينه.
2- حصول طاعة الله بتنفيذ أوامره ورجاء ثوابه وخشية عذابه، وابتغاء رضوانه.
3- البحث عن الراكزة الرئيسية التي تحقق المحبة بين الغني والفقير؛ وذلك لأنّ النفوس مجبولة على حبِّ مَن أحسنَ إليه.
4- إنّ الزكاة تعملُ على تنقية النفس وتزكيتها، وابتعادها عن خُلُق الشح والبخل كما أشار القرآن الكريم إلى هذا المعنى في قول الله تعالى: “خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا” التوبة:103.
5- تعويد المسلم على صفة الجود، والكرم، والعطف على أصحاب ذوي الحاجات والرحمة للفقراء.
6- تَحفظ النفس عن الشحّ، فقال تعالى: “وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ” الحشر:9.
7- جلبُ البركةِ والزيادة والخلفُ الصالح من الله تعالى، كما قال في كتابه العزيز: “وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ”سبأ:39. ولقول الله تعالى في الحديث القدسي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام أنّه قال: “قال الله أنفق يا ابن آدم أنفق عليك” متفق عليه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ما نقصت صدقةٌ من مال وما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزّاً، وما تواضع أحدٌ لله إلا رفعه الله”رواه مسلم.
وحديث آخر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: “ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعطِ منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعطِ ممسكاً تلفاً” رواه مسلم.
وعن أسماء بنتُ أبي بكر رضي الله عنهما، قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: “انفحي أو انضحي، أو انفقي ولا تحصي فيحصي الله عليك، ولا توعي فيوعي الله عليك” وفي لفظٍ للبخاري” لا توكي فيوكي الله عليك” متفق عليه.
8-الصدقة برهان على صدق إسلام مُخرجيها؛ وذلك لحديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه وفيه يقول: “والصدقة برهان” رواه مسلم.
9- في تأدية الزكاة لمستحقيها انشراحٌ للصدور، فالمُسلم إذا أحسن إلى الخلق ونفعهم بما يمكنه من المال، وأنواع الإحسان انشراح صدره؛ فالشخصُ المحسن أشرح الناس صدراً، وأطيبهم نفساً، وأنعمهم قلباً، والبخيل الذي لا يحسن تأدية الزكاة هم أضيق الناس صدراً، وأنكدهم عيشاً، وأكثرُهم هماً وغماً، لكن لا بدّ من العطاء بطيب نفسٍ، ويخرجُ المال من قلبه قبل أن يُخرجه من يده.
10- تُلحق المسلم بالمؤمن الكامل؛ وذلك لحديث أنس رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: “لا يؤمنُ أحدكم حتى يُحب لأخيه أو قال لجاره ما يحب لنفسه” رواه مسلم. فكما أن المسلم يحب أن يبذل له المال الذي يسد به حاجته، يحبُّ أن يحصل لأخيه مثل ذلك، فيكون بذلك كامل الإيمان.
11- أيضاً تأدية الزكاة من أسباب دخول الجنة؛ وذلك لحديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه، عن الرسول صلّى الله عليه وسلم قال: “إنّ في الجنة غُرفاً يُرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، أعدها الله تعالى لمن أطعم الطعام، وألان الكلام، وتابع الصيام وأفشى السلام، وصلّى بالليل وبالناس نيام”رواه أحمد.
12- إنّ الزكاة تحافظ على تماسك المجتمع مع بعضه البعض، يرحمُ فيها المسلم القوي القادر المسلم الضعيف العاجز، والغني يحسنُ إلى المعسر، فيشعر صاحب المال بوجوب الإحسان عليه كما أحسن الله إليه، قال الله تعالى: “وأَحسِن كَمَا أحسَنَ الله إليك” القصص:77. فتصبح الأمة الإسلامية كأنّها عائلة واحدة.
13- تُطفيء حرارة ثورة الفقراء؛ لأنّ الفقير قد يغضب، لما يرى من تنعم الأغنياء، فإذا جاد الأغنياء على الفقراء كسروا ثورتهم وهدؤوا غضبهم.
14- إنّ إعطاء الزكاة لفئةٍ معينة من الناس تمنعُ الجرائم المالية مثل: السرقات، والنهب، وما أشبه ذلك؛ لاستغناء الفقراء عن هذه الجرائم بإعطائهم الزكاة أو بالصدقة والإحسان إليهم.
15- النجاة من حرّ يوم القيامة؛ وذلك لحديث عقبة ابن عامر رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: “كلّ امرئ في ظل صدقته حتى يفصل بين الناس أو قال: يحكم بين الناس، وفي لفظٍ آخر”: “إنّ ظل المؤمن يوم القيامة صدقته” رواه أحمد. قال يزيد أحد رواة الحديث: “وكان أبو الخير راوي الحديث عن عقبة لا يخطئهُ يومٌ إلّا تصدق فيه بشيءٍ ولو كعكة، أو بصلة أو غير ذلك.
16- تساعد المسلم على معرفة حدود الله والفقه في دينهِ تعالى؛ وذلك لأن المسلم لا يؤدي زكاته إلّا بعد أن يعرف أحكامها وأموالها وأنصابها ومُستحقها، وإثم من منعها، وفضل من أداها وغير ذلك ممّا تدعو الحاجة إليه.
17- إنّ من فوائد الزكاة بأنّها هدفٌ مهم في جلب الخير والبعد عن الشر والعقوبة؛ وذلك بدليل حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وفيه: “ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا مُنعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا” رواه ابن ماجه.
18- إنّ الزكاة تُطفيء الخطايا وتُكفرها؛ بدليل حديث معاذ رضي الله عنه،قال: “والصدقة تطفيء الخطيئة كما يطفيء الماء النار” رواه الترمذي.
19- أداء الزكاة من شكر النعم، وشكر النعم سبب لزيادتها؛ لقول الله تعالى: “وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ” إبراهيم:7.
20- مضاعفة الأجر عند الله تعالى؛ لقول الله تعالى: “مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ ۗ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ” البقرة:261.
21- حماية صاحب المال من العذاب به؛ فإنّ الذي لا يؤدي زكاة ماله يعذب بماله في الآخرة، قال تعالى: “ ۗ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ -يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ۖ هَٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ” التوبة:34-35.
22- إنّ الزكاة تُذهب شرّ المال ووبالهُ؛ وذلك لحديث جابر رضي الله عنه قال رجلُ من القوم: يا رسول الله؟ أرأيت لو أدّى الرجل زكاة ماله؟ فقال الرسول عليه الصلاة والسلام: “من أدى زكاة ماله فقد ذهب عنه شره”، ولفظ الحاكم: “إذا أديت زكاة مالك فقد أذهبت عنك شره”.
23- إنّ الزكاة تقي المال من الفساد وتحافظ عليه؛ لأن الزكاة ما خالطت مالاً إلا أفسدتهُ، وقيل في ذلك؛ لأنّ الحرام يهلك الحلال، وقيل: إذا أخذ الغني الزكاة أهلكت مالهُ؛ لأنّ الزكاة هي من حق للفقراء.
24- استعانة الفقير بما يأخذ من الزكاة على طاعة الله، ولولا ذلك لاشتغل قلبهُ بالهموم شغلاً يمنعهُ من العبادة، بل لا ربما أوقعه ذلك في شكٍّ من ضمان الله تعالى الرزق له ولكل مخلوق، والزكاة تزكي الفقراء والمساكين بسد حاجاتهم، وإغنائهم عن ذل السؤال، والتطلع إلى ما في أيدي الخلق.