قصة أسامة بن زيد مع القتيل:
لقد قال أحد الناس أن هناك رسالة يقول فيها صاحبها: كنت أسمع إحدى الإذاعات أنهم أخطأوا وقالوا: “فتثبتوا” بدلًا من “فتبينوا” في قول الله تعالى: “إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا” ولكن السامع الذي أرسل الخطاب سمعها “فتثبتوا”.
فالتبين يتطلب الذكاء والفطنة حتى يعلم الإنسان من ألقى إليه السلام، بأنه هل يصلي وهل يصوم وغير ذلك، فالله تعالى يقول:”وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا” النساء:94. فالأمر الذي يكفي المؤمن هو شرّ الظن إذا ما قال أحدٌ: السلام عليكم، وهنا يجب أن يفطن المسلم إلى أن أمر القلوب لا أحد يعلم به سوى الله تعالى وإلا سيأخذ الإنسان بالشبهات.
فلذلك الأمر نجد النبي عليه الصلاة والسلام يحزم الأمر مع أسامة بن زيد الذي قتل شخصًا بعد أن أقرّ هذا الشخص أنه مسلم بقوله: “لا إله إلا الله” وقد ظنّ أسامة بأنه قالها خوفًا من السلاح، فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام: “أفلا شققت عن قلبه” فردّ أسامة رضي الله عنه قال للرسول عليه الصلاة والسلام أنه قالها حتى يحمي نفسه من الموت، فكانت الإجابة: هل كشفت عن قلبه وعرفت بأن “لا إله إلا الله” التي قالها هي كانت خوفًا من القتل؟
والعبرة هنا إن لكلمة “لا إله إلا الله” حرمة، فساعة يقولها الإنسان لكي يُعصم دمه لا يجوز قتله، فقد قال أهل العلم: أن ينجو ألف كافر خيرٌ من أخذ مؤمن واحد، وفي قوله تعالى: “أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ” أي بمعنى أنه أظهر وأعلن إيمانه حتى وإن كان مستسلمًا تحت لمعة السيف، فلا يحق لأحدٍ أن يرمي بالاتهام بعد أن يأتي شخص بالإيمان على من جاء مسلمًا أو على من يلقي تحية الإسلام.
وعندما نقيس الدنيا فإننا نجدها عرضًا، فيقول الله تعالى: “تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا” النساء:94. وأن معنى عرض الحياة هو أن يطمع المقاتل بأي شيء يملكه للذي ألقى السلام، فقد يكون أحيانًا عرض الحياة الدنيا هو عزة النفس التي يتحلى بها الإنسان حينما ينتقم من إنسان بينه وبين آخر إحنٌ أو بغضاء.