ما هي قصة البقرة التي كلمت راكبها والذئب الذي كلم الراعي

اقرأ في هذا المقال


لقد أوصل إلينا الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام خبر عن أمرٍ فيه عَجبٌ لمخالفته للمألوف عند الناس، فقد قال لنا بأن بقرةً قامت بالتحدث مع صاحبها، عندما خالف مألوف الناس وعاداتهم في ركوبه على ظهرها وأنكرت عليه مخالفته لسّنة الله فيها.

قصة البقرة التي كلمت راكبها والذئب الذي كلم الراعي

وأخبرنا أيضًا نبينا عليه الصلاة والسلام بالإضافة إلى قصة البقرة عن مخاطبة الذئب للراعي الذي أخذ الشاة منه بعد أن كان يريد افتراسها، فالتصديق بهذا الأمر هو واجب؛ لأنه يعتبر من أمور الغيبيات التي مدح الله المتصفين به، فقال تعالى: “ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱلْغَيْبِ” البقرة:3. والمقصود بالغيب أي الممدوح أصحابه الغيب الذين صدّقوا صحة الأخبار عن الله تعالى وعن رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام.

الدليل من السنة على قصة البقرة التي كلمت راكبها والذئب الذي كلم الراعي

لقد روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “صلى الرسول صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح، ثم أقبل على الناس فقال: بينا رجلٌ يسوق بقرة إذ ركبها فضربها، فقالت: إنا لم نخلق لهذا، إنما خُلقنا للحرث. فقال الناس: سُبحان الله بقرةُ تكلم! فإني أومن بهذا أنا وأبو بكرٍ وعمر وما هما ثم. وبينما رجل  في غنمهِ إذا عدا الذئب: هذا استنفذتها مني، فمن لها يوم السبع، يوم لا راعي لها غيري، فقال الناس: سبحان الله ذئب يتكلم قال: فإني أومنُ بهذا، أنا وأبو بكر وعمر، وما هما ثم” رواه البخاري.

شرح قصة البقرة التي كلمت راكبها والذئب الذي كلم الراعي التي وردت في الحديث

لقد أخبرنا الرسول عليه الصلاة والسلام في الحديث عن بعض العجائب والغرائب التي حدثت لبعض الناس من قبلنا، فحدثنا  عن رجلٍ كان يركب ظهر بقرة كما كان الناس يركبون على ظهور الخيل والجمال وغيرها، فتباطأت البقرة به وصار يضربها حتى تسرع في سيرها، وإذ بالبقرة تلتفت إليه وتتحدث معه بلغة البشر قائلة له مستنكرة ركوبه لها مخالفة سنة الله في خلقه فيها: إنا لم نخلق لهذا، وإنما خلقنا للحرث وكأنها تقول له: أنت ظالم لي بركوبك لي؛ لأنك استعملتني فيما لم يخلقني الله له، وذلك أن الظلم وضع الشيء في غير موضعه.

فقال الصحابة بتعجبٍ: سبحان الله بقرة تتكلم، فتعجبهم لم يكن يعني تكذيبًا للنبي عليه الصلاة والسلام فحاشاهم أن يكذّبوا أي أمرٍ له، ولكنهم سمعوا منه ما هو مخالف للأمر المألوف، فقال لهم مؤكدًا الخبر ومقرر إياه إنه يؤمن بذلك، ويؤمن به أبو بكر وعمر، ولم يكونا حاظرين في ذلك اليوم معه في المسجد حينما حدث بهذا الحديث، فقد قال ذلك عنهما في غيابهما، لعلمه بعظيم تصديقهما لربهما وعظيم يقينهما وإيمانهما بقدرة الله على كل شيء ومنها قدرة البقرة على التكلم.

وبعدها أخبرهم عن قصة الذئب المتكلم الذي عدى على غنمٍ لأحد الرعاة، فأخذ منها شاة فكان الراعي شجاع وقوي فلحق بالذئب وأخذ شاته منه قبل أن يأكلها فالتفت الذئب إلى الراعي مستنكرًا عليه أخذ الشاة منه وقال له: ها أنت أنقذت الشاة مني، فمن لها يوم السبع يوم لا راعي لها غيري، ويوم السبع هذا هي واقعة تقع في مقبل الزمان تُترك فيها المواشي والأنعام وتترك، فتصبح السباع تعيث فسادًا فيها؛ لأنه لا يوجد من يحميها وينقذها وذلك سيقع عند قرب وقوع الساعة حينما تشتد الفتن.

فكما تعجب الناس من البفرة فقد تعجبوا من الذئب أيضًا الذي تكلم، فقالوا ما قالوه وردوا ما رددوه، فالأمر الذي استغرب منه الصحابة هو أن الحيوانات تتكلم مع البشر، فأما أن يكلم البشر الحيوان بلغته فذاك أمر آخر، فقد كان نبي الله سليمان يفهم لغة الطير والحيوان، فقد أخبرنا أن جيش سليمان عندما جاء لوادي النمل، فقال تعالى: “حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ- فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا” النمل:18-19.

العبر المستفادة من قصة البقرة التي كلمت راكبها والذئب الذي كلم الراعي

1- إن أول عبرة يُستفاد منها من القصة هي استحباب وعظ الناس بالأحداث والوقائع التي تدل على قدرة الله تعالى، فقد ورد في هذا الحديث أن النبي عليه الصلاة والسلام أخبر أصحابه بهذا الخبر بعد صلاة الصبح ويصح وعظ الناس وإرشادهم بعد صلاة الصبح.

2- يتوجب على المسلم أن يؤمن بجميع الأخبار التي ورد ذكرها في القرآن الكريم والسنة الكريمة أو صح السند بها إلى النبي عليه الصلاة والسلام مهما كان الخبر في قمة الاستغراب، أما القصص الموضوعة والتي يوجد فيها شك من الكذب والتي لم تصح الأحاديث بها فلا تجوز روايتها بسبب كذبها وضعفها.

3 لا يصح أن تستعمل الناس الحيوانات في غير ما خلقها الله له، مثل استعمال الأغنام للحراثة والأبقار في الركوب ونقل الأشياء الثقيلة، فالله خلق كل حيوان لمهامه وللأمور التي تناسب خلقه وقدراته.


شارك المقالة: