ما هي قصة الحجر الذي فر بثوب موسى عليه السلام

اقرأ في هذا المقال


قصة الحجر الذي فر بثوب موسى عليه السلام

لقد اتهم جُهّال بني إسرائيل موسى عليه السلام بوجود مرض خُلقي في جسده يخفيه وكان سبب هذه التهمة أن بني إسرائيل كانوا يغتسلون عُراة وموسى كان يخفي عورته وجميع جسده عن الآخرين عند الاغتسال لشدة حيائه، فقد ظن هؤلاء بنبيهم ظنًا سيئًا، ولما كان الله يريد لأنبيائه ورسله الخير لمكانتهم العظيمة فقد أثبت بطلان هذا الاتهام، فركض الحجر بثياب موسى عليه السلام حينما وضعها عليه أثناء غُسله، فشاهدوه بني إسرائيل عريانًا لا عيب فيه، فعلموا بطلان ما قاله فيه المفترون.

الدليل على قصة موسى مع الحجر من السنة النبوية

لقد روى البخاري في صحيحه، عن أبي هريرة رضي الله قال: “قال رسول صلى الله عليه وسلم: إنّ موسى كان رجلًا حيّيًا ستيرًا لا يُرى من جلده شيء استحياء منه، فآذاه من آذاه من بني إسرائيل، فقالوا: ما يستترُ هذا التستر إلا من عيب بجلده إما برص وإما أدرة وإما آفة. وإنّ الله أراد أن يبرئة مما قالوا لموسى، فخلا يومًا وحدهُ، فوضع ثيابه على الحجر، وبعدها اغتسل، فلما فرغ أقبل إلى ثيابه ليأخذها، وإن الحجر عدا بثوبه، فأخذ موسى عصاه فرأوه عُريانًا أحسن ما خلق الله، وأبرأه مما يقولون، وقام الحجر، فأخذ ثوبه فلبسه، وطفق بالحجر ضربًا بعصاه، فوالله إن بالحجر لندبًا من إثر ضربه ثلاثًا أو أربعًا أو خمسًا” رواه مسلم، ولذلك ورد في قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَىٰ فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا ۚ وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا” الأحزاب:69.

لقد وُصِفَ موسى عليه السلام بأنه شديد الحياء، وكان نبينا الكريم أشدّ حياء من الفتاة العذراء في خدرها ومدحه النبي عليه الصلاة والسلام، فقال فيه: الحياء خير كله. وكان في ذلك الزمان يجوز لرجال بني إسرائيل أن يغتسلوا عراة وينظروا إلى بعضهم البعض، ومن شدة حياء موسى عليه السلام أنه كان يغتسل لوحده ولا يظهر شيئًا من عورته ولا جسده.

ونشر بعض الجهال عن النبي موسى عليه السلام الذين لا يُسلمُ من آذاهم أحد حتى الرسل والأنبياء، فادعوا الكذب والزور بأن السبب الذي يستتر موسى من أجله هو وجود عيب في جسمه يخفيه، مثل برص في جسمه وهو مرض يستعرّ الناس من صاحبه، أو آفة من الآفات التي يسوؤه رؤية الناس له ولا بدّ من أن هذا الكلام كان يزعج موسى عليه السلام، فالله تعالى لا يقبل الأذى لنبيه.

وشاءت قدرة الله تعالى أن يبرأ موسى مما افتراه عليه المفترون وزعم به الجاهلون، فقد ذهب موسى عليه السلام يومًا يغتسل وحدة كما هي عادته، فوضع ثيابه على حجر، فلما انتهى من الغُسل وجاء ليأخذ ثيابه، ركض الحجر بثيابه وطار وفرّ بها والحجر ليس به القدرة على الحركة والطيران، فالحجر يعتبر جماد، ولكن الله طار به بطريقة لا نعلم بها؛ وذلك لحكمة يريدها، وهي براءة موسى عليه السلام مما وُجه إليه.

ماذا فعل موسى بالحجر الذي أخذ ثيابه

ذُهل موسى عليه السلام من المفاجأة التي حدثت، فجرى خلف الحجر يناديه ويقول: ثوبي يا حجر ثوبي يا حجر، والحجر يسير بثيابه، فكانت صورة غريبة لموسى عليه السلام وهو يركض عريانًا وراء حجرٍ يطير بثيابه، حتى إذا بلغ الحجر مجمعًا من مجامع بني إسرائيل وشاهدوا موسى عليه السلام سليمًا ولا يوجد أي عيب في جسمه، فزالت بذلك الفِرية التي رماها بها الجاهلون، فوقف الحجر وأخذ موسى ثيابه وارتداها ثم تناول عصاه وأقبل على الحجر يضربه ضربًا مبرحًا يشبه ضرب المخنق الغاضب على شخصٍ متمرد وعاق وظالم.

إن موسى يعلم أنه حجر وأنه لا يضر ولا ينفع، لكن هذا الحجر فعل فعلًا لا تستطيع الحجارة فعله، فعمل موسى مع الحجر ما لا يفعله أحد بالحجارة، فصار يضربه ضرب المؤدِب فقد تعجب أن عصى موسى عليه السلام التي مصنوعة من الخشب أثرت على ذلك الحجر الصلب وتركت به ندوبًا بعدد الضربات التي نالها من موسى، فمن المعروف أن العصاة لا تترك أثر على الحجر؛ لأن الحجر يعتبر قاسيًا، ففي بعض الأحيان لما تضرب العصا بالحجارة تُكسر العصاة، لكن عصاة النبي موسى عليه السلام هي نوع غريب من أنواع العِصي، فقد جعل الله تعالى عدة خصائص ومنها تأثيرها على الحجر الذي أخذ ثيابه وترك فيها ستة أو سبعة ندوب.


شارك المقالة: