اقرأ في هذا المقال
- الدليل من السنة على قصة الذي أضلته ناقته بأرض فلاة
- شرح قصة الذي أضلته ناقته بأرض فلاة
- العبرة المستفادة من قصة الذي أضلته ناقته بأرض فلاة
إن قصة هذا الرجل أنه أضاعته ناقته بأرض قفر خالية، فأيقن بالهلاك، فنام نومة فإذا هي عند رأسه، فقال من شدة فرحه: أنت ربي وأنا عبدك، وقد أخبر الرسول عليه الصلاة والسلام أن الله أشدّ فرحًا بتوبة التائب من هذا الرجل بعودة ناقته.
الدليل من السنة على قصة الذي أضلته ناقته بأرض فلاة
لقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن سماكٍ قال: خطب النُعمان بن بشير، فقال: “لله أشد فرحًا بتوبة عبده من رجل حمل زاده ومزاده على بعير ثم سار، حتى كان بفلاةٍ من الأرض فأدركته القائلة، فنزل فقال: تحت شجرة فغلبته عينه وانسل بعيره، فاستقيظ فسعى شرفًا فلم ير شيئًا، ثم سعى شرفًا ثانيًا فلم ير شيئًا ثم سعى شرفًا ثالثًا فلم ير شيئًا، فأقبل حتى أتى مكانه الذي قال فيه، فبينما هو قاعدٌ إذ جاءه بعيره يمشي حتى وضع خِطامه في يده، فلله أشد فرحًا بتوبة العبد من هذا حين وجدَ بعيره على حاله” رواه مسلم.
شرح قصة الذي أضلته ناقته بأرض فلاة
لقد ضرب الرسول عليه الصلاة والسلام مثلاً على فرحة الله تعالى لتوبة هذا الرجل، فيحكى أن هذا الرجل كان مسافرًا وحده ويحمل على ناقته طعامه وشرابه وقصد مخترقًا البرية التي لا يستطيع الوصول إلى مقصده إلا باختراقها، فقد بينت روايات الحديث على أن هذه البرية لا ينجو منها سوى الذي يعرف معابرها وطرقاتها، فكان معه من الماء والطعام ما يكفيه للمدة التي يحتاج المسافر لاختراقها، فقد وصفت الأحاديث هذه البرية بأنها فلاة بمعنى أنها خالية وأنها دَوّية وهي أرض لا نبات فيها وأنها قفر ومهلكة؛ وذلك لعدم وجود الماء والطعام فيها.
وفي وقت الظهيرة رأى ذلك الرجل المسافر شجرة في تلك البرية وكان التعب والجهد أخذ من جسمه ما أخذ، فنزل فيها وقَيّل فيها أي نام واستلقى في ظلها، فنوم الظهيرة كثير من الناس ما يرغبه وخاصة من أرهقهم التعب.
وعندما أغمض عينيه، وإذ براحلته تذهب فلما استيقظ لم يجدها، ففزع فزعًا شديدًا لا لخسارة راحلته وطعامه، فذلك أمره سهل؛ بل لأن ضياعها في هذه الفلاة القفر تعني هلاكه، لذلك أخذ يركض هنا وهناك ويبحث وينظر لكنه لم يجدها.
وبعدها رجع إلى الموضع الذي كان فيه تعبًا عطشًا، ومن شدة معاناته أخذه النوم مرةً أخرى، وعندما أفاق وجدَ راحلته جالسه عند رأسه، فلما أفاق ووجدها فرح كما يفرح المرء الذي نجا من الموت والهلاك، ولشدة فرحه أخطأ فقال وهو يخاطب ربه: اللهم أنت عبدي وأنا ربك كما ذكر في الحديث، وأخبرنا عليه الصلاة والسلام أن الله تعالى أشد فرحًا بتوبة التائب من هذا الذي أضلته ناقته على الصفة التي ذكرها عليه الصلاة والسلام.
العبرة المستفادة من قصة الذي أضلته ناقته بأرض فلاة
1- فضل التوبة، فالتوبة ترضي الله تعالى، والله أشد فرحًا بتوبة التائب من هذا الذي وجد ناقته بعد فقده إياها في أرض مهلكه.
2- إثبات صفة الفرح لله، ففرح هي صفة تليق بجلاله وكماله لا تشبه فرح المخلوقين على قوله تعالى: “لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ” الشورى:11.
3- لطف الله ورحمته بعبده، حيث أن الله ردّ لذاك الرجل ناقته بعد أن يئس من العثور عليها.
4- يجوز للمرء أن يحكي ما وقع من غيره من الألفاظ التي لا يقر عليها كما حكى الرسول عليه الصلاة والسلاة مقالة هذا الرجل، وكما أخبرنا القرآن الكريم بقول الذين قالوا الكفر، مثل قولهم: “إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ “ آل عمران:181.