قصة المرأة التي طلبت فراق زوجها
هي عائشة بنتُ عبد الرحمن بن عتيك النضري، هي امرأة كانت تعيش في زمن النبي عليه الصلاة والسلام حياةً كريمة مع زوجها رفاعة بن وهب، وقد كان يعاملها معاملة حسنة ولطيفة وكريمة، وفي ذات يومٍ شاهدتهُ آتٍ إليها ومعه مجموعة من الرجال، وكان أقبحهم شكلاً.
فقررت في ذات يوم أن تترك زوجها، فصارت تقول لنفسها: لماذا أبقى مع هذا الرجل، فمنظره قبيح وليس منظره بالرجل الجميل، فلماذا أُكمل ما تبقى من حياتي معه، فصارت تُفكر بأن تتركه وتتزوج غيره، فقررت أن تذهب إلى النبي عليه الصلاة والسلام، وعندما جاءت إليه، قالت يا رسول الله، إني لا أريد رفاعة، ليس لخلقهِ ولا لدينهِ، ولكني أكره الكفر في الإسلام، أي أنها أصبحت تكره رفاعة كما تكره الكفر.
فأجابها النبي عليه الصلاة والسلام، أتعيدين له الحديقة التي أعطاها مهراً لكي، قالت: نعم سأعيدها له، فقال الرسول عليه الصلاة خذ يا رفاعة حديقتك وطلقها، فهي لا تريدك. فعندما طلقها بقيت في العدة حتى انتهت، وعندما انتهت تزينت وخرجت، فكانت تريد زوجاً آخر، وبالفعل طلبها للزواج عبد الرحمن بن الزبير، ولكنها أثناء العيش مع عبد الرحمن بن الزبير، رأت أنه لم يُعاملها معاملة حسنة وأنه كان يضربها وكانت تقول له أنت لست برجل، وقالت إنه لم يتعايش معها في فراشها كما كان يُعايشها زوجها الأول.
فذهبت للسيدة عائشة رضي الله عنها وتشتكي إليها سوء معاملة عبد الرحمن بن الزبير معها، فقالت أغراني منظر جماله، ولكنه سيء التعامل، وحينما قدمت للسيدة عائشة كانت ترتدي خماراً أخضر اللون، ويدها من شدّة الضرب مائلة إلى اللون الأخضر.
وعندما عاد النبي عليه الصلاة والسلام إلى بيته الذي هو مكان الحكم بين الناس، رأى امرأةً جالسة على حِدة، فسأل السيدة عائشة عنها، وقال لها: من هذه الفتاة، قال: هي فلانة زوجة فلان، فقالت عائشة: “ما تلقى نساء المؤمنين منهن أيّ النساء تصبر على الرجال” فسألها عليه الصلاة والسلام: ما قصتها، فقالت للنبي عليه الصلاة والسلام: إنها جاءتني تشتكي من زوجها بأنه يرفع يده عليها ويضربها، وأنها لا تعلم أيدها أشدّ خضرةً أم خمارها من كثرة الضرب.
فأمر النبي عليه الصلاة والسلام بإحضار زوجها الثاني وهو عبد الرحمن بن الزبير وأتى للنبي ومعه أولاده من زوجته الأولى، وعندما دخل على النبي عليه الصلاة والسلام قالت له: يا رسول الله إنه يرفع يده عليّ ويضربني، فأجابها إنها تكذب يا رسول الله، ولكنها امرأة ناشز وتُريد رفاعة وأنها اشتاقت له، فردّ عليها النبي عليه الصلاة والسلام، إنها لا تصلح للعودة له، فعليها أن تقبل بما قسمه لها الله، ويجب أن تُكمل حياتها مع زوجها الثاني، ولا يصحُ أن تقارن ما بين الشخصين، ويجب على الزوجة أن لا تذكر عيوب الزوج مهما كانت، فعليها أن تذكر محاسن زوجها مهما كانت بعض ظروفها صعبة.
العبرة من قصة المرأة التي طلبت فراق زوجها
إنّ العبرة من هذه القصة هي القناعة والرضا، وأيضاً إقرار النبي عليه الصلاة والسلام عندما أخبر رفاعة بأن يترك امرأته التي لا تريده بالرغم من المعاملة الحسنة التي كان يعاملها رفاعة لزوجته، وعندما أرادت النشوز من الزوج الثاني، لم يقبل النبي عليه الصلاة والسلام بذلك الأمر، فقال: يجب على الزوجة أن تقبل بزوجها كما هو حاله وكيف ما هو حاله. فدينُنا هو الدين الحنيف الذي يعطي الحرية، لكن ضمن العقل والدين.