قصة بنات لوط عليه السلام:
لقد ذكر الله تعالى بنات لوط عليه السلام في كتابه العزيز، حينما دار الحديث بينه وبين قومه عندما قدم عليه الملائكة الذين بعثهم الله تعالى من أجل هلاك قوم لوط وإخباره بما سيحلّ على قومه من عذاب الله تعالى، فقال: “وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَٰذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ – وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ ۚ قَالَ يَا قَوْمِ هَٰؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي ۖ أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ – قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ“. هود:77-79.
لما خرجت الملائكة من عند إبراهيم عليه السلام باتجاه قوم لوط وفي منتصف النهار، وصلوا إلى نهرٍ يسمى نهر سدوم، صادفوا هناك ابنة لوط عليه السلام تستقي من هذا النهر الماء لأهلها، لقد كان عند لوط ابنتان، اسم الكبرى “ريثا” والصغرى “ذغرتا” فأوقفوها وقالوا لها: هل من منزلٍ قريب من هنا؟ فأجابتهم نعم، فابقوا في مكانكم حتى ولا تدخلوا حتى أرجع إليكم، فلم تدعهم يدخلوا إلى القوم خوفًا عليهم من قوم لوط، فذهبت إلى أباها وقالت له: يا أبتي هناك فتيان عند باب المدينة، ولم أشاهد مثل وجوههم أبدًا، فأرجو أن تذهب إليهم بسرعة حتى لا يأخذهم قومك فيفضحوهم.
لقد نهى قوم لوط بأن يُستضاف أي رجل في بلدتهم، فعندما رأوه قومه قالوا: خلّ عنا فلنُضيف الرجال، فعندما جاء بهم ولا يعلم أحد بوصولهم إلا أهل البيت، فسارعت امرأة لوط بالخروج على قومها لكي تخبرهم أن في بيت لوط رجالاً لم نرى مثل وجوههم أبدًا، فجاء قومه مسرعون إليه حتى يصنعون الفاحشة.
وعندما وصل قوم لوط إلى بيته قاموا باقتحام منزله وهو يقول لهم من وراء الباب وينصحهم ويدافعهم ويذكرهم بزوجاتهم وبأعراضهم وبنسائهم، فصار يعرضُ عليهم بناته حتى يبتعدوا عن ضيوفه، فلم يكن لوط عليه السلام يعلم بأن هؤلاء ملائكة ولم يكن يعلم حقيقة مجيئهم إليه، فصار يدعو ربه ويستغيث به.
وعندئذٍ أفصحت الملائكة عن أمرهم وقالت: “قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوا إِلَيْكَ ۖ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ ۖ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ ۚ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ۚ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ” هود:81. وبعدها أخبروه بالعذاب الذي سيحلّ على قومه وطلبوا منه أن يخرج هو وبناته من البيت ومن المدينة كاملة ولم يقل زوجته، وأن عذاب الله سيحلُ عليهم في الصباح الباكر وعليه ان لا يلتفت إلى الوراء. وفي الصباح الباكر أرسل الله تعالى عليهم العذاب والصيحة وأهلك القوم جميعهم ومعهم زوجته التي خانت لوط عليه السلام.