قصة توبة العابد والمرأة البغي:
لقد رُوي عن أبي كعبٍ صاحبِ الحرير عن الحسن أنه قال: أنّ هُناك امرأةً قبيحة العملِ، وتتصفُ بثُلث الحسنِ، لا تُعطي نفسها لأيّ أحدٍ إلّا بمائةِ دينارٍ، وفي ذاتَ يوم أتى إليها وقالَ لها إنكِ تُعجبيني، وقام بالإسراعِ للعمل ويُعالج الناس بيدهِ من أجل أن يجمع مئةَ دينار، وبعدها ذهب إليها، وقالت لهُ ادخُل، فدخل، ووجدَ عِندها سريراً من الذهب، فاستلقت عليه وقالت له: تعال.
فعندما اقتربَ منها وحاول التمكنّ منها، ذكَرَ مقامهُ بين يدي خالقهِ، فأصابتهُ رعدة، وقال لها: دعيني أخرجُ من هنا وسأعطيك المائة دينار، فقالت: ما الذي حدث لك، فعندما رأيتني قُلت لي بأنّني أعجتُك، وعملتَ طويلاً وتعبت لحصولك على مائة دينارٍ، وعندما توفرت لديك جئتَ إلي، فأجابها: فرقاً من اللهِ ومن مقامي عندهُ جلّ جلالهِ، وإني قد كَرهتُكِ، وأنتِ الآن أبغضُ الناسِ إليّ، فقالت له إنّ كُنت صادقاً في ذلك، فلن أتزوج غيرُك.
وبعد ذلك أراد الخروج، ولم ترضى بخروجهِ إلّا أن يتزوج بها، فقال لها: لا، حتى أخرج من هنا، فقالت له، إنّ لي عليك إذا أتيتُك بأن تتزوجَ بي، فقال ليس بالأكيد، وبعدها خرج مُتلثمٌ بثيابهِ وعاد مُسرعاً لبلدهِ. وقامت هي بالتوبةِ والعودةِ إلى الله نادمةٌ على كلّ ما فعلت من سوء، وبعدها ذهب إلى البلدةِ حيثُ يسكن، فسألت عنه وعن بيتهِ حتى استدلت، وعندما فُتح الباب قالوا: إنّ الملكةَ قد أتت إليك، فعندما رآها، شَهقَ شهقةً واحدةً ثم مات، ووقع بين يديها وقالت: لقد خسرت هذا أليس لهُ من قريب، قالوا: إنّ لهُ أخٌ فقيرُ الحال، فقالت: سأتزوجهُ حباً لأخيه، وتزوجتهُ، ونُشر منها سبعةٌ من الأنبياء.
قصة توبة القصاب والجارية:
لقد ذُكر عن بكرُ بن عبد الله المزني قال: أنّ قصّاباً ولع بجاريةٍ لبعض جيرانهُ، فقام أهلُها بإرسالها إلى قريةٍ أخرى من أجلِ حاجةٍ لهم، وقام القصّاب باللحاقِ بها، فقام بمراودتها عن نفسها، فقالت: أرجوك لا تفعل هذا، لأنا أشدُ حبّاً لك منك لي، ولكن أنّا أخافُ الله تعالى، فقال لها: هل تخافيه أنتِ ولا أخافهُ أنا، فحاسب نفسهُ وعادَ إلى ربه تائباً، وذاتَ يومٍ حلّ عليهِ العطش الشديد حتى أنّ عنقهُ كاد ينقطع.
فجاءهُ أحدُ رُسل بني إسرائيل الذي جاء للأنبياء، وسألهُ عن حالهِ، فقال: العطش، قال: تعالَ ندعو أنا وأنت الله بأن يُضلل علينا سحابةً حتى ندخل القرية، فقال له الآخر: ليس عندي عمل، قال له: أنا أدعوا الله وأنت آمن به. فدعا الرسول، وهو آمن، فظلَلتهم سحابةٌ حتى انتهوا إلى القرية، وأخذَ القصّاب مكانهُ، ومالتِ السحابة، فمالت إلى ناحهِ. وعادَ الرسول وقال: علمتُ أنّه ليس لك عمل، وأنّا الذي قمتُ بالدعاء وأنت الذي أمنت، فأتت سحابةٌ وأظلتني سحابةٌ حتى تُخبرني ما هو خطبك. فقال له: وقال الرسول: أنّا التائب إلى الله بمكانٍ ليس لا يملكهُ أحداً من الناس بمكانه.