تعريف شقيق البلخي:
لقد عُرف شقيق بأنهُ أحد علماء المسلمين من السّنة والجماعة، وهو من قرية تسمى بلخ في بلاد خرسان، واسمهُ شقيق بن إبراهيم الأزدي، المُكنى بأبو علي، وكان يعمل أستاذاً لدى حاتم الأصم، صاحب إبراهيم بن أدهم، وقد تعلم منه الزهد، وذُكر أنه أُستشهد في غزوة كولان.
قصة توبة شقيق البلخي:
إنّ سبب توبة شقيق أنه كان من أبناء الأغنياء، وقيل أنه قد قصد بلاد الترك من أجل العمل في التجارة وهو صغير في العمر، إلى قوم يُقال لهم “الخلوخية“ فدخلَ إلى بيت وشاهدهم يعبدون الأصنام فدخل عليهم، وعالِمهم كان قد حلق شعره ولحيته ومرتدياً ثياباً حمراء أرجوانية.
فقال لهم شقيق: إنّ ما أنت عليه فهو باطل، وإن لك ولهؤلاء جميعاً خالق صانع ليس له مثيل ولا يُشبهه شيء، يملك الدنيا والآخرة، وهو القادر على كل شيء، ورازقُ كل شيء فاعبدهُ ولا تعبد هذه الأصنام التي لا تضر ولا تنفع، فقال له أحد الخدم: إنّ قولك لا يُطابق فعلك، فأجابه شقيق كيف ذلك؟
قال له: تزعم أن لك خالق قادر على كل الأشياء وأنت عانيت في المجيء إلى هنا لكي تطلب الرزق، فلو كان كما تدعي، كان الذي يرزقك ها هنا يرزقك في بلدك ثم تستريح من العناء. فقال شقيق: كان سبب زهدي هو كلام التركي، فرجع وتصدق بجميع ما كان يملك وأصبح يطلب العلم.
سبب زهد ابن شقيق:
لقد قيل أن سبب زهد ابن شقيق هو: أنه شاهد ملكاً كان يلعب ويلهو ويمرحُ في زمانِ قحطٍ، وكان الناس في ذلك الوقت مهتمة به، فقال شقيق: ما هذا النشاط الذي أنت فيه، ألم تشاهد الناس ما حلّ بها من القحط، فأجابه المملوك، وما عليّ من ذلك، وإن لمولاي قرية كاملة، يدخلُ له منها كلّ ما نحتاج إليه. فانتبه شقيق وقال له: إذا كان لمولاهُ قرية، ومولاهُ هذا عبارة عن مخلوق فقير، وأنه ليس يكترثُ لرزقه، فكيف يجدر على المسلم بأن يهتم لرزقهُ ومولاهُ غنيّ.
من أقول شقيق البلخي:
لقد روى عن شقيق البلخي بأنه قال لحاتم الأصم: أنك رافقتني فترةً طويلة، فما الذي تعلمتهُ مني، قال له تعلمت منك عدةُ مسائل ومنها ما يلي:
تأملتُ في الناس جميعهم وإذ بكلِ شخصٍ لديه محبوبٌ خاص به، فإنّ حان وصولهُ للقبر غادره محبوبه، أما أنا فجلعتُ محبوبي الذي لا يُفارقني هو حسناتي التي فعلتها في حياتي وسترافِقني إلى قبري.
وإني تأملتُ أيضاً في قول الله تعالى: “وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ” النازعات:40. فأجهدتها في دفع الهوى حتى استقرت على طاعة الله.
