ما هي قصة توبة يونس بن متّى عليه السلام؟

اقرأ في هذا المقال


قصة توبة يونس بن متّى عليه السلام:

يونسُ بن متى، لقد ذُكر بأن هناك نبيينِ فقط سُميا بأسماء أمهاتهم وهما: عيسى بنُ مريم، ويُونس بن متى عليهم السلام، فمتّى هي أم يونس عليه السلام، وهو من قريةٍ تُدعى نينوى، فكان قومهُ يعبدون الأصنام، وبعثهُ الله إليهم لكي يهدي قومه إلى توحيد الله تعالى، ويتركوا تلك التماثيل، فمكث فيها قرابة 33 سنةً وهو يدعوهم ولم يهتدوا، وعندما هلك ويئسَ من تلبيتهم لدعوة الله، دعا عليهم بأن يُهلكهم الله تعالى. وقال في نفسه، ما أسرع دعوتي على عبادي.

فعن إسحاق بن بشر قال: أنّ سعيد بن قتادة أخبرنا، عن الحسن، بأن يونس عليه السلام كان مع نبي من أنبياء بني إسرائيل، فأوحى الله تعالى بأن يُرسل يونس إلى أهل نينوى من أجل أن يُحذرهم من عقابه وعقوبته عزّ وجل، وقيل: أن يونس سار من غيرِ رضاهُ، فكان يتصفُ بأنّه حديد وشديدُ الغضب، قال: فجاءهم وحذرهم وأنذرهم، ولكنهم كذبوه، ولم يستمعوا إلى نصيحتهِ، وليس ذلك فقط بل قاموا بضربه بالحجارة، وقاموا بإخراجه من بلدتهم وانصرف عنهم، فعاد وقال له نبي من بني إسرائيل: عُد إلى قومك، وعاد إليهم مرةً أخرى، فضربوه بالحجارة، فوعدهم بالعذاب، فقالوا له كذبت، فعندما كفروا بالله وجحدوا كتابه، قام بالدعاء إلى ربه على قومه، فقال: يا ربّ إنّ قومي أصروا على الكفر، فأنزل عليهم نقمتك.

وبعد ذلك أوحى الله تعالى إليه بأنّي سأنزل العذاب على قومك، قال: خرج يونس عليه السلام، ووعدهم الله العذاب بعد ثلاثة أيام، فخرج هو وأهله، وساروا إلى قمة جبلٍ يُناظر ما سيحلُ بأهل نينوى، ويُراقب عذابهم، فأتاهم العذاب وعاينوهُ، وبعدها تابوا إلى الله فأذهب عنهم العذاب، فعندما شاهد إبليس  ذلك جاء إليه وقال له: يا يونس! إذا عُدت إلى قومك سيتهموك ويكذبوك، وذهب إلي قومهِ مغاضباً، فسارَ حتى وصل إلى شاطئ دجلة وركب سفينة، فعندما صارت في وسط الماء، أوحى الله تعالى إليها بأنّ تركد، فركدت، وباقي السفن كانت تمرُ يميناً وشمالاً، فتعجب البعض وسألهم، ما بالُ سفينتكم لا تسير، فقالوا: لا ندري، قال يونس: أنا أعلمُ ما بها، إنّ فيها عبدٌ أبقٌ من ربه، فلن تسير هذه السفينة حتى يُلقى هذا الشخص بالماءِ، قالوا من هو، قالوا: أنا، وقد عرفوه، فقالوا: أما أنت، فلا نلقيك؛ لأنّنا لن ننجوا إلّا بك، فاقترحوا بأن يعملوا قرعة، وفي كل مرةٍ تطلع على يونس عليه السلام، ولكنّهم أصرّوا أن يلقوهُ، ولكنّه قال لهم: ألقوني في الماء.

فقام القوم، واحتملوا شبه المشفقين عليه، فقال لهم خذوني إلى صدر السفينة، وفعلوا، وعندما أقبلوا على إلقائك، فإذا بالحوتِ فاتحٌ فمه، فلما رآه كذلك، خاف وقال لهم: ارجعوني إلى مؤخرة السفينة، وعندما أقبلوا على إلقائه أيضاً رأى الحوت فاتحٌ فمه، فقال لهم أرجعوني إلى وسط السفينة، فرأى الحوت أيضاً فاتحٌ فمه، وقال لهم: ارجعوني إلى جانب السفينة، فوجد الحوت أيضاً فاتح فمه، ثم قال لهم اطرحوني في الماء وانجوا، فإنّه لا مفر من أمر الله، فألقوه وقام الحوت بإلتقامهِ قبل أن يبلغ الماء، وتصوّب به.

لقد قال الحسن: ثم انطلق الحوت إلى مكان سكنه في البحر، ثم بعد ذلك أخذهُ إلى قرار الأرض، وجالَ به جميع البحار أربعين يوماً، لقد سمع يونس عليه السلام، تسبيح الحصى وتسبيح الحيتان، لقد قيل: أنّه جعل يُسبّحُ ويُقدّس ويُهلِّل.

دعاء يونس عليه السلام في بطن الحوت:

لقد كان يقول يونس عليه السلام وهو في بطن الحوت بعض الأدعية ومنها كان يقول: “سيدي في السماءِ مسكنك، وفي الأرض قدرتك وعجائبك، اللهم ربي، من الجبال قد أهبطتني، وسيرتني في البلاد، وفي الظلماتِ الثلاثِ حبستني، إلهي لقد سجنتني بسجنٍ لم يُسجن به أحدٌ من قبلي”.

وعندما أتمّ الأربعين يوماً وهو في بطن الحوت وأصابهُ الغم، فنادى وقال: قال تعالى: “فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ” الأنبياء:87.

لقد أنَّت الملائكة حين سمعت صوتهُ وصوت بكائهِ، فصارت الملائكةُ تبكي لبكاء يونس والسماء والأرض وكل شيءٍ يبكي على بكاء يونس عليه السلام. فقال تعالى: يا ملائكتي! لماذا أراكم تبكون؟ فقالوا: ربنا إنّا نسمعُ صوتاً ضعيفاً حزين نعرفهُ في مكانٍ غريب، قال الله لهم: إنّ ذلك صوت عبدي يونس، فهو عصاني وأنا حبستهُ في بطن الحوت في قاع البحر، فقالوا: يا رب، إنّه العبدُ الصالح الذي كان يصعدُ له في كلّ يوم وليلةٍ العملُ الصالح الكثير.

فقال ابن عباس، قال ربنا عزّ وجل: نعم قال: إنّ الملائكة والسموات والأرض شفعت له. فأرسل الله تعالى جبريل عليه السلام وقال له: انطلق يا جبريل للحوت الذي سجنت يونس ببطنه، وقل له: إنّ لي فيه حاجةٌ، وذهب إلى الموضع الذي ابتلعهُ الحوت من عنده، فاذهب واقذفه بنفس المكان، فأخبر جبريل الحوت بأن يقذف يونس في نفس المكان، وسار الحوت بيونس عليه السلام وهو يقول: يا ربّ إني قد استأنستُ في داخل البحر بتسبيحٍ وتهليلٍ وذكرٍ من عبدك يونس، واستأنست به دواب الأرض كلها، وكنتُ أظرفُ شيء له، فقد جعل من بطني له مصلّى، يذكرك فيه ويقدس اسمك، فتقدست به وما حولي من البحار، فتخرجهُ عني بعد أنسٍ كنت به، فقال تعالى: “إني أقلتهُ عَثرتهُ ورحمتهُ فألقهِ”.

فوصل به الحوت إلى المكان الذي ابتلعهُ منه عند بلدٍ على شاطئ دجلة، فاقترب جبريل من الحوت وقرّب فمهُ من فم الحوت، وقال: السلام عليك يا يونس، إنّ الله تعالى يُقرئك السلام، فقال يونس: مرحباً بالصوتِ الذي كنتُ أرتجيهِ يوماً من خالقي، كنتُ قد خشيت بأن لا أسمعهُ أبداً، ثم قال جبريل للحوت: اقذف يونس بإنٍ من رب رحيم، فقذفه كأنّه فرخٌ ممعوط الذي ليس عليه ريش، واحتضنهُ جبريل عليه السلام. وحينما قذفهُ أنبت الله عليه شجرةً من يقطين، يرضعُ أغصانها كما يرضعُ الصبيّ من أمهِ.

وعنما اشتدّ حالُ يونس عليه السلام: صار يخرج من الشجرة ويذهب يميناً وشمالاً، فجاء إلى رجلٍ يصنعُ الجرار، فقال يونس: يا عبد الله ماذا تعمل، قال له أصنعُ الجرار، وأبيعها وأطلب فضلاً من الله، فأوحى الله تعالى إلى يونس أن يقول للرجل أن يكسر الجرار، فقال يونس له ذلك، فغضب الرجل، وقال له: إنّك رجل سوءٍ، أتأمرني بالفساد وأن أكسر الجرار التي صنتها وعملتها ورجوت خيرها، فأوحى الله إلى يونس، وقال له: أترى هذا الرجل كيف غضب منك عندما أمرتهُ أن يكسر ما صنعه، وأنت يا يونس أمرتني أن أهلك قومك، فما الذي يشق عليك أن يُصلح قومك مائة ألف أو حتى يزيدون، قال الله تعالى: { ‏فلولا أنّه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون‏} يعني كنت من الذاكرين والمصلين.

فمن كان يذكر في الرخاء يجد الله في وقت الشّدة، ومن يغفل عن الله في الرخاء، يغفل عنه الله في وقت الشدة.، فقال تعالى: “وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ”الأنبياء: 87. فكذلك يفعل الله بالصالحين، إذا وقعوا في الخطيئة، ثم تابوا يقبل الله منهم.


شارك المقالة: