اقرأ في هذا المقال
- قصة شعيب عليه السلام في دعوة قومه
- ما هي طريقة دعوة شعيب عليه السلام لقومه؟
- ما هي الأساليب التي اتبعها شعيب عليه السلام خلال فترة الدعوة؟
قصة شعيب عليه السلام في دعوة قومه:
لقد أُرسلَ نبيّ الله شُعيب عليه السلام إلى قومٍ يُدعون اهل مدين، واشتهروا بأنهم، كفروا بالله تعالى وأنهم يقطعون السبيل، ويبخسون المكيال والميزان.أما كفرهم: فالمشهور أنهم كانوا يعبدون شجرةً يُقال لها: الأيكة، قال الله تبارك وتعالى: “كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ- إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُون” الشعراء: 177:176، والأيكة نوع من أنواع الشجر، يسجدون له، ويسألونه من دون الله جلّ وعلا.
ثم كذلك كانوا يقطعون السبيل على الناس ويأخذون أموالهم، وقيل: كانوا يأخذون العُشر من الناس، كلما مر رجل بتجارة قالوا له: ما تمرُّ من عندنا حتى تدع شيئاً من أموالك، وهي ما يُسمى الآن بالجمارك، وكانوا يطففون في الكيل، قال الله – جلّ وعلا: “وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ- الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ- وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ” المطففين:3-1. فإن كان الكيل لهم أخذوا الزيادة، وإن كان عليهم أنقصوا.
وكانوا يُفسدون في الأرض بجميعِ أنواع الفساد، كما وكانوا يصدون عن سبيل الله، فقال الله في كتابه الحكيم: “وَإِلى مَديَنَ أَخاهُم شُعَيبًا قالَ يا قَومِ اعبُدُوا اللَّـهَ ما لَكُم مِن إِلـهٍ غَيرُهُ قَد جاءَتكُم بَيِّنَةٌ مِن رَبِّكُم فَأَوفُوا الكَيلَ وَالميزانَ وَلا تَبخَسُوا النّاسَ أَشياءَهُم وَلا تُفسِدوا فِي الأَرضِ بَعدَ إِصلاحِها” الأعراف: 85، وقال لهم كذلك: “وَلا تَقعُدوا بِكُلِّ صِراطٍ توعِدونَ وَتَصُدّونَ عَن سَبيلِ اللَّـهِ مَن آمَنَ” الأعراف: 86، حذرهم نبي الله شعيب من كل هذه الأفعال المشينة، ثم قال لهم: “بَقِيَّتُ اللَّـهِ خَيرٌ لَكُم إِن كُنتُم مُؤمِنينَ وَما أَنا عَلَيكُم بِحَفيظٍ” هود: 86، قال أهل العلم في تفسير “بقية الله” أي: ما فَضُلَ من الربح ولو كان قليلاً – خيرٌ من الربح الكثير إذا كان في حرام، قال الله تعالى:“لَّا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ” المائدة: 100. فالمال الحلال ولو كان قليلاًهو خيرٌ وأبقى عند الله من المال الحرام ولو كان كثيراً، قال الله تعالى: “يَمْحَقُ اللَّـهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ” البقرة: 276.
ما هي طريقة دعوة شعيب عليه السلام لقومه؟
إنّ دعوة شعيب لم تكن غريبةً، وإنما هي دعوة تُشبة دعوة باقي الأنبياء إلى توحيد الله تعالى، فقال في كتابه العزيز: “إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّـهِ الْإِسْلَامُ” آل عمران: 19. وقوله تعالى“وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ” آل عمران: 85. كل الأنبياء إنما جاؤوا لتحقيق هذه القضية العظيمة، أن يعبد الله سبحانه وتعالى وحده فقال: “وَما أَرسَلنا مِن قَبلِكَ مِن رَسولٍ إِلّا نوحي إِلَيهِ أَنَّهُ لا إِلـهَ إِلّا أَنا فَاعبُدونِ” الأنبياء: 25. هذه دعوة جميع رسل الله صلوات الله وسلامه عليه، بل لأجلها قامت السماوات والأرض، ولأجلها كانت الجنة والنار، ولأجلها خلق الله العالمين وقال: “وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ” الذاريات: 56.
ما هي الأساليب التي اتبعها شعيب عليه السلام خلال فترة الدعوة؟
- الدعوة بالحسنى كما قال الله تعالى عنه:” قالَ يا قَومِ أَرَأَيتُم إِن كُنتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِن رَبّي وَرَزَقَني مِنهُ رِزقًا حَسَنًا “هود: 88.
- اتبع شُعيب أسلوب القدوة الحسنة في الدعوة إلى الله، فقال تعالى: “وَما أُريدُ أَن أُخالِفَكُم إِلى ما أَنهاكُم عَنهُ” هود: 88 وهكذا يجب على الداعي إلى الله – جلّ وعلا – أن يكون قدوة، ما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه، ما أنهاكم عن شيء ثم آتيه ولا آمركم بشيء ثم أتركه، بل أنا ملتزم بما أدعوكم إليه.
- الترغيب والتذكير بنعم الله جلّ وعلا فقال: “وَاذكُروا إِذ كُنتُم قَليلًا فَكَثَّرَكُم” الأعراف: 86 فرغبهم في حسن عطاء الله لهم سبحانه وتعالى، كنتم قليلاً فكثركم سبحانه وتعالى.
- استخدم الترهيب، فقال لهم: “وَيا قَومِ لا يَجرِمَنَّكُم شِقاقي أَن يُصيبَكُم مِثلُ ما أَصابَ قَومَ نوحٍ أَو قَومَ هودٍ أَو قَومَ صالِحٍ وَما قَومُ لوطٍ مِنكُم بِبَعيدٍ” هود: 89.
- دعاهم كذلك إلى أصلين عظيمين وهما عبادة الله وحدهُ لا شريك له، والثاني، الوفاء بالحقوق، وعدم ظلم الناس، وعدم أخذ أموالهم بالباطل.
- بيّن لهم أنه لا يريد أجراً على هذه الدعوة أبداً “وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ” الشعراء: 109.
- بيّن لهم شرف مقصده صلوات الله وسلامه عليه فقال: “إِن أُريدُ إِلَّا الإِصلاحَ مَا استَطَعتُ” هود: 88 لا أريد مُلكاً، ولا مالاً، ولا جاهاً “إِن أُريدُ إِلَّا الإِصلاحَ مَا استَطَعتُ” هود: 88 و”إن” هنا نافية بمعنى ما.
وقوله تعالى في كتابه العزيز: “وَما قَومُ لوطٍ مِنكُم بِبَعيدٍ” هود: 89. ماذا يقصد بهذا؟ قال أهل العلم بالتفسير: وما قوم لوط منكم ببعيد من حيث المكان، معان قريبة من سديم “بلد لوط”، وقيل: من حيث الزمان، ولذلك في كتاب الله تعالى في سورة هود والشعراء والحجر، وغيرها بعدما يذكر الله تبارك وتعالى قصة قوم لوط يذكر بعدها مباشرة قصة مدين، إذاً هم ليسوا بعيدين بالمكان وليسوا بعيدين كذلك بالزمان، فهم قريبون مكاناً وقريبون زماناً ثم كذلك هم قريبون من حيث الصفات والأفعال والإجرام والإفساد، “وَما قَومُ لوطٍ مِنكُم بِبَعيدٍ” هود: 89. وكيف صنع الله بهم، فأنتم ماشون على جادتهم وعلى طريقتهم فسيصيبكم مثل ما أصابهم.