اقرأ في هذا المقال
قصة ضيوف إبراهيم عليه السلام
قال تعالى: “هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ – إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا ۖ قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ – فَرَاغَ إِلَىٰ أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ – فَقَرَّبَهُۥٓ إِلَيۡهِمۡ قَالَ أَلَا تَأۡكُلُونَ – فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ۖ قَالُوا لَا تَخَفْ ۖ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ – فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ – قَالُوا كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ ۖ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ” الذاريات:24-30.
إن من أعظم القصص التي قصها الله تعالى في القرآن قصة خليله إبراهيم عليه السلام مع الملائكة الذين جاءوا لضيافته وقد قيل بأنهم جبريل وميكائيل وإسرافيل، فقال تعالى: “وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَىٰ قَالُوا سَلَامًا ۖ قَالَ سَلَامٌ ۖ فَمَا لَبِثَ أَن جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ” هود:69.
فقد كان هؤلاء ضيوف النبي إبراهيم عليه السلام ألا وهم الملائكة، الذين قصّ الله تعالى لنا قصتهم، فقد دخلوا على إبراهيم وكأن الباب كان مفتوح لهم فلا يحتاج لأن يطرقونه أو لحارس أو غير ذلك ليفتح لهم الباب، فقد وصف إبراهيم بأنه هو أول من ضيّف الضيف وكان مهيأ دائمًا لاستقبال ضيوفه في كل وقت وحين.
فلما دخلوا عليه قالوا له سلامًا، والسلامة هنا تعني هي السلامة من الشرّ والإثم والسلام للأمن وعدم الفزع، فردّ إبراهيم عليهم سلامٌ ولا شكّ أن سلامهم كان هو طمأنينة للقلب وقد كان أيضًا إبراهيم عليه السلام سريع التصرف مع ضيوفه، لذلك لم يمكث طويلاً حتى راغ إلى أهله وأسرع في الخفية وجلب لهم عجل حنيذ، أي ابن البقرة الصغير، وكان هذا العجل سمينًا وهذا كان دليل على حسن ضيافة إبراهيم لهم وقام باختيار أنفس وأفضل الأطعمة.
فقد وُصف إبراهيم عليه السلام بأنه كريم والدليل على ذلك أنه قام بتقديم الطعام والضيافة لضيوفه على الفور بدون مشاورة أو غير ذلك، فصار يدعو ضيوفه لتناول الطعام بلطف وبكلامٍ حسن. فلما لاحظ النبي إبراهيم عليه السلام أنهم لم يقتربوا من الطعام وأن أيديهم لم تصل إليه؛ دبّ في قلبه الشكّ وأوجس منهم خيفة، فالملائكة لم تأكل؛ لأنها أرسلت في مهمة من عند ربها.
البشارة التي جاءت بها الملائكة للسيدة سارة زوجة إبراهيم عليه السلام
ومن المعروف أن الملائكة أيضًا ليسوا كسائر البشر حتى يأكلوا لأنهم مخلوقين من نور ولكن عندما جاءوا لإبراهيم عليه السلام كانوا على هيئة رجال، لكنهم قالوا له حتى يطمئن، لا تخف لقد أرسلنا إلى قوم لوط وأيضًا حتى نبشرك بإسحاق ولدًا عليمًا نبيّا من الصالحين وحفيدًا اسمه يعقوب، كما قال تعالى: “قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ” فاستغرب إبراهيم وزوجته من تلك البشارة وقالوا: كيف سيكون لنا ولد وقد مسّنا الكِبر، فأجابتها الملائكة كيف تعجبين من أمر الله تعالى، فقال تعالى: “قَالَتْ يَا وَيْلَتَىٰ أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَٰذَا بَعْلِي شَيْخًا ۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ” هود:72.
فعندما زال الخوف والروع عن إبراهيم عليه السلام بسبب ما حدث معه مع ضيوفه وجاءته البشرى بالولد الصالح وحفيد من بعده، التفت إلى مجادلة هؤلاء الرسل في إهلاك قوم لوط وقال لهم وهو مشفقًا إن فيها لوط، فأجابوه إننا نحن أعلم بمن فيها فسوف ننجيهُ هو وأهله إلّا امرأته؛ لأن أمر هلاك قوم لوط صادر من عند الله الحق وإنهم سيأتيهم عذاب غير مردود، فلن ينفعك الدفاع عنهم والمجادلة في أمرهم.