على الجميع أن يعلم بأن الله تعالى رقيب علينا وقيوم وأنه لا يدع الخير الذي تفعله من غير أن يرجعه إلى ذريتك.
قصة عمر بن العاص مع معاوية بن أبي سفيان والخادم وردان
قيل في ذات يوم أن معاوية وعمر بن العاص التقيا في أواخر حياتهما، فقال عمر بن العاص لمعاوية بن أبي سفيان: يا أمير المؤمنين ما الذي بقي لك من حظ الدنيا؟ ومعاوية صار أميرًا للمؤمنين ورئيس دولة عظيمة وقوية وغنية، فقال معاوية: إني مللت من أشهى الطعام وأطيبه وإني سئمت ألين اللباس، وأنه الآن قد حظي بشربة ماء شديد البرودة في ظل شجرةٍ بيومٍ حارٍ في الصيف.
لقد سكت معاوية قليلًا وصار يسأل عمر: ما الذي بقي لك يا عمر من متاع الدنيا، وقد كان صاحب فكر تجاري فقال: أن أحظى بعينٍ خوارة تدرّ على حياتي ولولدي بعد انتقالي إلى جوار ربي.، فإنه يطلب عين ماءٍ مستمر في أرض مليئة بالأنعام والزروع التي تمنح الخير، وأن هناك خادم يخدمها يقدم لهما المشروبات، فصار ينظر معاوية للخادم وصار يحب مداعبته من أجل أن يشركه في الحديث.
فقال للخادم: وأنت يا وردان ما الذي ظلّ عندك من متاع الدنيا؟ فقال الخادم: أن كل ما تبقى لي يا أمير المؤمنين صنع معروف أتركها أمانة بأعناق قومٍ أصحاب كرم لا يؤدونها إليّ طوال عمري حتى تكون لعقبي في عقبهم، وقد فهم الخادم عن الله تعالى قوله: “وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا” النساء:9.
فدليل هذه الآية هو أن أغلب الناس الذين يخافون ربهم في الذرية الضعيفة يوقنون بأن الله سيعطيهم ويرزقهم بمن يتقي الله في ذريتهم قليلة الحيلة والضعيفة.
وهناك دليل أيضًا عن العبد الصالح الذي ذهب إليه موسى عليه السلام عندما قال الله تعالى: “قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا – قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا – وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا – قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا – قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا – فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا ۖ قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا” الكهف:66-71.
إن من أدلة بعض هذه الآية هو أن أهل قرية طلبا منهم الطعام، وحين ويطلب منك ابن السبيل طعام فأعلم أنه بحاجة ماسة له؛ لأنه لو طلب منك مالًا فقد تظن أنه يخبئ المال، لكن في حال طلب منك بعض الطعام ليأكل فمن الواجب علينا إطعامه.