اقرأ في هذا المقال
- قصة من سقى كلبا عطشا فغفر الله له
- نص الحديث على من سقى كلبًا عطشًا فغفر الله له
- شرح قصة من سقى كلبًا عطشًا فغفر الله له التي ذكرت في الحديث
قصة من سقى كلبا عطشا فغفر الله له
هناك قصتان لرجل وامراة، شاهدا كلبًا عطشًا فرحماه وأسقياه الماء فشكر الله لهما، وغفر لهما ذنوبهما، فهكذا كان الإحسان إلى الحيوان تُغفرُ به الذنوب ويتقرب العبد به إلى الله تعالى.
نص الحديث على من سقى كلبًا عطشًا فغفر الله له
روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “بَيْنمَا رَجُلٌ يَمْشِي بطَريقٍ اشْتَدَّ علَيْهِ الْعَطشُ، فَوجد بِئراً فَنزَلَ فِيهَا فَشَربَ، ثُمَّ خَرَجَ فإِذا كلْبٌ يلهثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: لَقَدْ بلَغَ هَذَا الْكَلْبُ مِنَ العطشِ مِثْلَ الَّذِي كَانَ قَدْ بَلَغَ مِنِّي، فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَملأَ خُفَّه مَاءً ثُمَّ أَمْسَكَه بِفيهِ، حتَّى رقِيَ فَسَقَى الْكَلْبَ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَه فَغَفَرَ لَه. قَالُوا: يَا رسولَ اللَّه إِنَّ لَنَا في الْبَهَائِم أَجْراً؟ فَقَالَ: “في كُلِّ كَبِدٍ رَطْبةٍ أَجْرٌ“ رواه البخاري.
وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام: “أنّ امرأة بغيّا رأت كلبًا في يوم حار يطوف ببئرٍ قد أدلع لسانه من العطش، فنزعت له بمُوقها، فغفر لها” رواه مسلم.
شرح قصة من سقى كلبًا عطشًا فغفر الله له التي ذكرت في الحديث
لقد ذكر بأن هناك قصتان لرجل وأمرأه، سقى كل واحد منهما كلباً عطشاً فغفر لهما برحمتهما الكلب الذي سقاه كل منهما.
أما الرجل فإنه كان يسير خارج دياره، بعيداً عن المساكن، فعطش عطشا شديداً،فمر ببئر لا يوجد عليها سقاء، فنزل إلى أسفل البئر، فشرب حتى ارتوى وصعد، فوجد كلباً أتعبه وأنهكه العطش الشديد، ومن شده عطشه كان يمد لسانه فيضعه على التراب الرطب الذي بجوار البئر، حتى يخفف العطش الذي به.
لقد ميز الله الإنسان بخصائص لا تملكها الحيوانات، ومن ذلك قدرة الإنسان على الاستسقاء من البئر بالدلو إذا وجد، أو بالنزول إلى قاع البئر كما فعل ذلك الرجل، أما هذا الكلب فلا يستطيع أن يفعل شيء من ذلك، وكان سيهلك عطشاً إن لم يروهِ أحد.
نظر الرجل الى ذلك الكلب العطِش، وتذكر حاله قبل أن يروي ظمأه، فقد بلغ العطش بالكلب مثل الحال التي كانت به، ولكن كيف له أن يسقي الكلب، ولا دلو عنده ينزع به الماء، لقد نزل بنفسه إلى البئر فشرب، أما الكلب فلا بد من حمل الماء إليه ليشرب، ولم يجد وسيلة لإخراج الماء من البئر إلا بنزع خفه ونزول البئر، ونقل الماء به الى الكلب، ولأنه لا يستطيع أن يمسك الخف بيديه لحاجته إلى يديه طليقتين كي يتمكن من نزول البئر وصعوده باستعماله لهما فقرر أن يحمله بثمه.
والإنسان يأنف أن يحمل خفه بفمه، فالخف لباس الرّجل، يدوس الإنسان به الأرض، وقد يكون قذراً، وقد تفوح منه روائح عفنة، ولا يكاد الإنسان يقرب في العادة خُفّه أو نعله من فمه وأنفه، فضلاً على أن يحمله بفمه، ولكن قوة الرحمة التي حلّت في قلبه دفعته إلى فعل ما فعله، فسقى الكلب بهذه الطريقة، فشكر الله له فعله، وغفر له ذنبه، وأدخله رحمته.
أما المرأة التي سقت كلباً فغفر لها، فإنها إحدى بغايا بني اسرائيل اللواتي كن يتعاطين الزنا، ويجعلنه مهنة يرتزقن منها، وعلى الرغم من مشاركتها للرجل في رحمتها للكلب العطش، ومغفرة الله لها بفعلها ذاك، فإن بينهما فروقاً بيّنة.
فقد كانت المرأة أعظم ذنباً من الرجل؛ لأنها كانت مومسًا تتعاطى الزنا، ولم يذكر مثل ذلك في الرجل، فذنبها أشد وأعظم من هذه الجهة، ولم تكن قبل سقيها الكلب عطشه لبُعدها عن ديارها كما كان الرجل، وهذا الفرق بينهما يجعل دافع سقي الكلب عند المرأه دافعاً ذاتيًا؛ لأن الرجل عندما رأى حال الكلب كان قد عانى من العطش مثل الذي عاناه الكلب، أما المرأة فلم يقع لها ذلك ولذا فإن الدافع لها هو تألمها لرؤية الكلب العطش ورحمتها إياه، ولم تمرّ بتجربة متشابهة لحالة الكلب في عطشه كما حصل مع الرجل.
ولكن معاناة الرجل في سقية الكلب كانت أشد من معاناة المرأة، فالمرأة جاءت إلى البئر، وكان ماؤه قريباً فلما لم تجد دلو تخرج الماء به خلعت موقها، وهو الحذاء أو الخف، وربطته بخمارها، وجعلته بذلك سقاء تستقي به من البئر، فأخرجت الماء بهذه الطريقة، وسقت الكلب.
أما الرجل فيبدو أن ماء البئر كان بعيداً، وليس عنده من الثياب ما يكفي لربط خفه، ونزع الماء بالطريقة التي تحدثنا عنها آنفاً مع المرأة ولذا فإنه بذل جهداً مضاعفاً، وحمل الماء بطريقة يأنف كثير من الرجال والنساء أن يحمل الماء بها. وعلى الرغم من الفروق التي بين حالي الرجل والمرأة إلا أن الله غفر لكل منهما، وقد اشتركا في عمل واحد، فقد رحم كل منهما كلباً عطشاً، وأسقياه فرحمهما الله برحمتهما للكلب وغفر لهما.