من هو نبي الله شمويل عليه السلام:
إنّ النبي شمويل بحسب التعاريف: هو قائدٌ في إسرائيل القديمةِ، وذكر اسمهُ في سِفر صموئيل: “بالكتاب العبري” وهو نبيٌ، وقد أُشير إليه في كتاب الله تعالى بدون أنّ يُذكر اسمهُ، كما رأهُ الأدبُ الحاخامي، وكان هو آخرُ القضاةِ العبرانيين، وأول الأنبياءُ الذين بدأت نبوتهم داخلَ أرضِ إسرائيل، وهذا كان بحسب نصوص صموئيل، وهو أيضاً من رسمَ أول ملكين على مملكةِ إسرائيل شاول وداود.
قال الله تعالى: “أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ” البقرة:243، في هذه الآية تحدث الله عن أحد الأنبياء الذين أتوا بعد عبده موسى، ولكن لم يذكره بالاسم، وبحسب أغلب المراجع المقصود بهذه الآية الكريمة كان النبى شمويل أو صموئيل. ثم قال: والملك الذي عينه لهم نبيهم اشمويل هو طالوت بن قيس بن أفيل بن صارو بن تحورت بن أفيح بن أنيس بن بنيامين بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل.
لقد حكى السدي بإسنادهِ عن ابن عباس وابن مسعود وأناسٌ من الصحابة والثعلبي وغيرهم: أنه حينما غلبت العمالقة من أرض غزة وعسقلان على بني إسرائيل وقتلوا منهم خلقاً كثيراً وسبوا من أبنائهم جمعاً كثيراً، وانقطعت النبوة من سبط لاوى ولم يبقَ فيهم إلا امرأةً حبلى، فجعلت تدعو الله عزّوجل أنّ يرزقها ولداً ذكراً، فأنجبت غلاماً فسمتهُ اشمويل ومعناه بالعبرانية إسماعيل أي سمع الله دعائي.
فلما ترعرع بعثته إلى المسجد وأسلمتهُ عند رجلٍ صالح فيه يكون عنده ليتعلم من خيره وعبادته فكان، فلما بلغ أشُده، بينما هو ذات ليلة نائم إذا صوت يأتيه من ناحية المسجد، فانتبه مذعوراً، فظنهُ الشيخ يدعو فسألهُ: أدعَوتني؟ فكره أن يُفزِعَهُ فقال: نعم نعم، فنام، ثم ناداه الثانية، فكذلك الثالثة فإذا جبريل يدعوه، فجاءهُ فقال: إنّ ربك قد بعثك إلى قومك فكان من أمرهِ معهم ما قص اللهُ تعالى في كتابهِ.
لقد قال أكثرُ المفسرون: كان نبي هؤلاء القوم المذكورين في هذه القصة هو شمويل وقيل: شمعون. وقيل: هما واحد. وقيل: يوشع. وهذا بعيد لما ذكرهُ الإمام أبو جعفر ابن جرير في تاريخه: أن بين موت يوشع وبعثة شمويل أربعمائة سنة وستين سنة.
دليل على تنصيب شمويل ملكاً لبني إسرائيل:
قال الله تعالى في كتابه العزيز: “أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِنْ بَنِي إسرائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمْ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ، وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنْ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ، وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ، فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنْ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِين، وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ، فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتْ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ” البقرة:243-251.
لقد قالَ أكثرُ المفسرين بأن النبي لهؤلاء القوم الذين ذكروا في تلك القصة هو شمويل عليه السلام. فقال الله تعالى لهم: “هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّه”. أي وأي شيء يمنعنا من القتال، “وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا” يقولون نحن محروبون موتورون، فحقيق لنا أن نقاتل عن أبنائنا المنهورين المستضعفين فيهم المأسورين في قبضتهم.