ما هي كيفية إقامة دين إبراهيم عليه السلام الحنيفية؟

اقرأ في هذا المقال


دين إبراهيم عليه السلام الحنيفية:

الحنيفية في اللغة: لقد ذكر الخليل بن أحمد في معنى الحنيفية لغة، الحنف ميل في صدر القدم، ورجُل أحنف، ويُقال: تحنّف فلان إلى الشيء تحنفاً إذا مال إليه، والحنيف في قول: المسلم الذي يستقبل قبلة البيت الحرام على ملة إبراهيم عليه السلام حنيفاً مسلماً، وأحب الأديان إلى الله الحنيفية السمحةِ وهي ملة النبي محمد صلّى الله عليه وسلم.
وأما ابن فارس: فإنه يعرفها بأصلها فيقول: حنف الحاء والنون والفاء أصل مستقيم وهو الميل، يُقال للذي يمشي على ظهور قدميه أحنف، والحنيف المائل إلى الدين المستقيم: “ولكن كان حنيفاً مُسلماً” والأصل هذا، ثم يتسع في تفسيره فيقال الحنيف الناسك، ويقال المختون، ويُقال يتحنف أي تحرى أقوم الطرق. وعليه فإن معنى الحنيفية في اللغة الميل عن الشيء.
تعريف الحنيفية إصطلاحاً:
قال الأزهري: من كان على دين إبراهيم فهو حنيف، وقال: وكان عبدة الأوثان في الجاهلية يقولون: نحن حنفاء على دين إبراهيم فلمّا جاء الإسلام سُموا حنيفاً. قال الراغب: الحنف هو ميل عن الضلال إلى الإسلام، والحنف ميل عن الاستقامة إلى الضلال، والحنف هو المائل إلى ذلك قال عزّ وجل”قانتا لله حنيفاً “وقال: حنيفاً مسلماً” وجمعه حنفاء، قال عزّ وجل: “واجتنبوا قول الزور حنفاء لله” وتحنف فلان أي تحري طريق الاستقامة، والظاهر من كلامه أنه اختار الحنف بمعنى الميل، فذكر أنه ميل للإسلام أو عن الإسلام ثم رجّح الميل للإسلام مستدلاً بقول الله تعالى: “واجتنبوا قول الزور حنفاء لله”.

كيف تقام الحنيفية في الدين الإسلامي؟

لقد وردت الحنيفية في القرآن الكريم اثنتي عشر مرةً باختلاف لفظها بالإفراد أو الجمع، واقترنت في ثمانٍ منها بإبراهيم عليه السلام. ويظهر في القرآن الكريم تنازع طوائف مختلفةً على إبراهيم عليه السلام في حقيقة دينه الذي كان عليه، مثل اليهود والنصارى والعرب، فزعم اليهود أن إبراهيم كان يهودياً؛ لأنهم أبناء اسحاق ولد إبراهيم عليه، وزعمت النصارى أن إبراهيم كان نصرانياً، وادعت نسب عيسى له من ناحية أمة التي ترجع لإبراهيم عليه السلام، وأما العرب فادعوا أنهم على دين إبراهيم الحنيفية؛ وذلك لزواج إسماعبل من قبيلة جرهم العربية التي قطنت عنده بعد حادثة زمزم، ولكن الله أبطل زعمهم ودحض افتراءاتهم، ورد عليهم.
فقال الله تعالى: “وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ – وَوَصَّى بِهَآ إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَـا بَنِيَّ إِنَّ اللّه اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ – أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَآئِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ – تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُم وَلاَ تُسْـألُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَوَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ – إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ – وَوَصَّى بِهَآ إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَـا بَنِيَّ إِنَّ اللّه اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ – أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَآئِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ – تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُم وَلاَ تُسْـألُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ” إلى قول الله تعالى: “أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ ۗ قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ ۗ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللَّهِ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ” البقرة:130-140.
فقد بين الله زيف دعواهم بقوله: “أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ” والاستفهام للتوبيخ أي كيف تقولون ذلك وأنتم تنسبون لإبراهيم ما كان وصيته خلاف ما تدعون، وبقيتم على اليهودية والنصرانية المحرفة، أم شهدتم يعقوب وعلمتم بوصيته فتدعون عن علم؟ وأنتم لم تشهدوا، بل هو زيف وافتراء.
إن في الآيات السابقة دلالات للرد على اليهود والنصارى وهي ما يلي:

– أن ملة إبراهيم عليه السلام هي الإسلام، ويظهر ذلك في قوله تعالى: “إذ قال لهُ ربذه أسلم قالَ أسلمتُ لرِبّ العالمين” فقد اصطفاه الله حين أسلم له.
– أن هناك أقواماً سفهاء غيّروا ملة إبراهيم عليه السلام، وعليه كان الخطاب موجهاً لهم بالسفه، فمن حاد عن ملة إبراهيم عليه السلام فقد سفه نفسه “إلّا من سفه نفسه”، فالذين سفهوا أنفسهم هم اليهود والنصارى إذ اتخذوا اليهودية والنصرانية ديناً مبتدعاً وليس من الله.
– إن وصية إبراهيم لبنيه وبني بنيه من بعده كانت من جانبين، بيان أن الإسلام دين الله المصطفى على البسيطة، والحرص على الإسلام بالثبات عليه إلى الموت.


شارك المقالة: