تغير المحلوف عليه:
إن محور هذا الموضوع يدور حول مسألة تغير المحلوف عليه، مثل: إذا حلف على شيء عينه بالإشارة كما لو قال: والله لا آكل حبة رطب من هذه النخلة، ولا أكلمُ زوجة فلان، ولا آكل لحم هذه الشاة، فصارت رطب هذه النخلةِ تمراً، وأصبحت المرأة زوجة لعَمرو بعد أن تغيرت؟ والتغير هنا ينقسم إلى خمسة أقسام ولكلِ قسمٍ حكم خاص به.
- تغير أجزاء المقسم عليه وتغير اسمه ووصفه، كأن يقسم على ترك شرب خمر في إناء ثم أصبح بعد ذلك خلاً فشربه. وكَأن يقسم على أكل لدجاجةٍ فصارت فرخاً، فأكله. وكأن يُقسم على عدم أكل حبات من القمح فزرعت ثم نبتت وأثمرت حبوباً فأكلها منها. فهذا القسم لا يحنث فيه.
- وفي هذا القسم تغيرت صفة المحلوف عليه وبقيت أجزاؤه: ومن الأمثلة على ذلك: أن يحلف على عدم أكل رطب شجرة فيصبح هذا الرطب تمراً، أو أن يقسم على عدم أكل عنب شجرة معينة فيصبح زبييباً، أو أقسم على ألّا يأكل من تين هذه الشجرة فأكل من “قُطينها” أي التين المجفف. وأن يقسم ألّا يكلم صبياً فيصير رجلاً، وأن يقسم ألا يأكل هذا الحمل فيصير كبشاً، ولا يأكل حبات قمح فصارت دقيقاً ثم خبزاً. أو أن يُقسم علفى شرب حليب شاة فصار سمناً، أو جبناً أو كشكاً أو أن يقسم على عدم دخول دار معينة فصارت مسجداً.
فلو أكل التمر الذي كان رطباً والزبيب الذي كان عنباً، والقُطين الذي كان تيناً وكلم الرجل الذي كان صبياً، والكبش الذي كان حملاً، والخبز الذي كان قمحاً مخالفاً ما أقسم عليه فهل يحنث؟ إن الجواب على ذلك أنه إذا أكل أو شرب أو كلم المتغير بصفته وباسمه الباقي بأجزائهِ فإنه يحنث؛ لأن عين المحلوف عنه لا زالت باقيةً، فحلف ألا يأكلها، فأكلها. فكان هذا حِانثاً. - تبدل المحلوف عليه بالإضافة: كأن يقسم على عدم أكل تمر محمدٍ فيشتري التمر من محمد محمود، ويصبح التمر لمحمود، فيأكلهُ الحالف بعد ذلك. وكأن يُقسم الحالف ألا يكلم زوجة سامي، فيطلق سامي المرأة ويتزوجها ولد الحالف، فكلمها الحالف. فمن أكل التمر وكلم المرأة هل يُحنثان. فقال جمهور الفقهاء على أن تبدل المحلوف عليه بالإضافة إذا أقسم على فعله أو تركه فخَالفهما أقسم عليه فإنه يُحنث.
- إذا تغيرت صفته بما يزيل اسمه ثم عادت إليه صفته من جديد مرة ثانية كدار تهدمت ثم أعيد بناؤها، وسفينة تحطمت وتخلعت ألواحها ثم أعيدت صناعتها من جديد. والحالفُ في هذا القسم يحنث؛ لأن أجزاء الدار وألواح السفينة وأسمِيهما موجودان فكأنهما لم يتغيرا.
- إذا تغيرت صفة المحلوف عليه بما لم يزل اسمه فإنه يحنث به. ونحو القسم على عدم أكل لحم شاة معينة فشوى لحمها فأصبح لحماً مشوياً، أو طبخ لحمها أو فلي أو غير ذلك. وكَأن يقسم إنسان على عدم أكل فاكهة معينة فبيعت لإنسان آخر.