ما هي مشروعية صلاة الليل؟

اقرأ في هذا المقال


مشروعية صلاة الليل:

لقد ثبتت مشروعية صلاة الليل جماعة في رمضان عن الرسول صلى الله عليه وسلم من قوله ومن فعله. أما القول فهو ما جاء عن جُبير بن نفير عن أبي ذر رضي الله عنه، قال: صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يُصل بنا حتى بقي سبعٌ من الشهر، فقام بنا حتى ذهب ثلثُ الليل، ثم لم يقم بنا في السادسةِ، وقام بنا في الخامسة حتى ذهب شطر الليل، فقلنا له: يا رسول الله، لو نفلتنا بقية ليتنا هذه؟ فقال: “إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف؛ كتب له قيام ليلة”، ثم لم يصل بنا حتى بقي ثلاث من الشهر، وصلى بنا الثالثة، ودعا أهله ونساءه، فقام بنا حتى تخوفنا الفلاح. قال جبير بن نفير الراوي عن أبي ذر قلت : وما الفلاح؟ قال: السحور”. أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه.

قال الترمذي في تعليقهِ على الحديث: “اختار ابن المبارك و أحمد وإسحاق الصلاة مع الإمام في شهر رمضان، وقد اختار الشافعي بأن يُصلي الرجل وحده إذا كان قارئاً” فقد قلنا أن حديث أبي ذر هنا هو نص قولي عن الرسول عليه الصلاة والسلام والسلام يُفيد مشروعية الجماعة في صلاة الليل، بل ويُبين فضلها أيضاً.

أما الفعل من الرسول صلى الله عليه وسلم لصلاة الليل جماعة؛ فهو ما جاء عن عائشة رضي الله عنها، قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ذات ليلة من جوف الليل، فصلى في المسجد، فصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس فتحدثوا فاجتمع أكثر منهم، فصلوا معه، فأصبح الناس فتحدثوا، فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة، عجز المسجد عن أهله، حتى خرج لصلاة الصبح، فلما قضي الفجر أقبل على الناس، فتشهد، ثم قال: “أما بعد؛ فإنه لم يخف علي مكانكم، لكني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها”. أخرجه الشيخان.

لقد قال الحافظ ابن حجر عند ذكره لفوائد هذا الحديث: “قال فيه ندب قيام الليل ولا سيما في رمضان جماعة؛ وذلك لأن الخشية المذكورة أمنت بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، ولذلك جمعهم عمر بن الخطاب على أبي بن كعب”.

لا وتران في ليلة:

عن قيس بن طلق بن علي؛ قال: زارنا طلق بن علي في يوم من رمضان، وأمسى عندنا وأفطر، ثم قام بنا الليلة وأوتر بنا، ثم انحدر إلى مسجده فصلى بأصحابه، حتى إذا بقي الوتر، قدم رجلاً، فقال: “أوتر بأصحابك؛ فإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا وتران في ليلة”. أخرجه أبو داود وصححه ابن حبان.

قال أبو عيسى الترمذي رحمه الله معلقاً على قول الرسول صلى الله عليه وسلم: “لا وتران في ليلة”: فقد اختلف أهل العلم في الذي يوتر من أول الليل ثم يقوم من آخره: فرأى بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم نقض الوتر، وقالوا: يضيف إليها ركعة، ويصلي ما بدا له، ثم يوتر في آخر صلاته؛ لأنه “لا وتران في ليلة” وهو ما ذهب إليه إسحاق.

وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: إذا أوتر من أول الليل، ثم نام، ثم قام من آخر الليل، فإنه يُصلي ما بدا له، ولا ينقض وتره، ويدع وترهُ على ما كان. وهو قول سفيان الثوري ومالك بن أنس وابن المبارك والشافعي و أهل الكوفة و أحمد. وهذا أصح؛ لأنه قد روي من غير وجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قد صلى بعد الوتر.

قلت: هذا الذي قال عنهُ الإمام الترمذي رحمه الله: وهذا أصح  هو ما قدمته لك، حيث قررت أن قوله صلى الله عليه وسلم: “اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً”؛ ليس على الوجوب، وأن المقصود منه أن لا يترك المسلم الوتر في صلاة الليل؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: “صلاة الليل مثنى مثنى” فإذا أردت أن تنصرف، فاركع واحدة، تُوتر لك ما قد صليت. فقوله: “فاركع واحدة، توتر لك ما قد صليت”: يدل على أن المراد أمر المسلم بأن لا يدع صلاته بالليل شفعاً دون وتر.


شارك المقالة: