اللواط:
إن مسألة اللواط هي مسألة مُخلّةٌ بالأخلاق الشرعية والدينية والحسّية والبدنية، والرجل اللوطي: وهو الذي إتيان الرجل بالرجل، فالله تعالى أنكر هذا الفعل، وبيّن ذلك الأمر في قصة قوم لوط، الذين أهلكهم الله جميعاً، وخسف بهم بلادهم، وجعل عاليها سافلها، ومن ثم أمطر عليهم حجارة من سجّيل.
مفاسد اللوطية الصغرى:
يقول ابن القيم أن وطء النساء المتزوجات في أدبارهن لم يُبح على لسان أيّ نبي قط. وأن من نسب إلى بعض السلف إباحة وطء الزوجة بالمكان الخطأ، فعليه أقبح الغلط وأرذله، وأن وطء النساء اللوطية الصغرى إلى الوطء في أدبار الصبيان اللوطية الكبرى.
ولقد ذكروا بعض مفاسد هذه الذريعة المحرّمة وأضرارها ومن هذه المفاسد والأضرار هي ما تنفرد به اللوطية الصغرى، ومنها ما هو مشترك بين اللوطيتين، وفي هذا يقول رحمه الله إذا كان الله حرّم الوطء في الفرج لأجل الأذى العارض، فما هو الظن بالحش الذي هو محل الأذى اللازم مع زيادة المفسدة بالتعرض لانقطاع النسل، والذريعة القريبة جداً من أدبار الصبيان.
إن من حقٌ الزوجة على الزوج في الوطء، وإن وطئها في دبرها فقد ضيع حقها، ولا يقضي وطرها ولا يأتي بمقصدها. وأيضاً فإن الدبر لم يتهيأ لهذا العمل ولم يخلق له، وإنما الذي هيئ لهذا العمل هو الفرج، فالذين يعدلون عنه إلى الدبر، فإنهم خارجون عن حكمة الله وشريعته، وفي هذا الأمر مضرةٌ بالرجل، فمن أجل ذلك نهى عنه عقلاء الأطباء والفلاسفة وغيرهم؛ لأن للفرج خاصية في اجتذاب الماء المحتقن وراحة الرجل منه، والوطء في الدبر لا يعيّن على اجتذاب جميع الماء، ولا يخرج كل المحتقن لمخالفته للأمر الطبيعي، وأنه يحدث الهَمّ والغمّ والنفرة عن الفاعل والمفعول به ويظلم الصدر ويطمس على نور القلب ويكسي الوجه وحشه تصير عليه كالسماء يعرفها من له أدنى فراسة.
وأنه ايضاً يفسد حال الفاعل والمفعول به فساداً لا يكاد يشفى بعده صلاح إلا أن يشاء الله بالتوبة النصوح، و يذهب بالمحاسن منها ويكسوها ضدها كما يذهب بالمودة بينهما ويستبدل مكانها تباغضاً وتلاعناً.
واللواط الأصغر هو أكبر سببٍ لإزاحة النعم وحلول النقم، فإنه يوقع اللعنة والمقت من الله وإعراضه عن فاعله وعدم النظر إليه، فأي خير يرجوه بعد هذا وأي شر يأمنه، وكيف هي حياة شخصٍ قد تحل عليه لعنة الله ومقته وأعرض عنه بوجهه ولم ينظر إليه.
والأفعال السيئة تُذهب الحياءَ جملة، والحياء هو حياء القلوب، فإذا فقد القلب الحياء استحسن القبيح، واستقبحَ الحسن، فحينئذٍ قد استحكم فساده وأنه حال الطباع عمّا ركبها الله، وأنها تُخرج الإنسان عن طبعه السليم إلى طبع لم يركب الله عليه شيئاً من الحيوان، بل هو طبع منكوس وإذا نكس الطبع انتكس القلب والعمل والهدى، فستطيب حينئذ الخبيث من الأعمال والهيئات ويفسد حاله وعمله وكلامه بغير اختياره.