متى تكون الفرقة فسخا ومتى تكون طلاقا؟

اقرأ في هذا المقال


الفُرقة فسخاً والفُرقة طلاقاً:

للفقهاء آراء في بيان أحوال الفسخ وأحوال الطلاق. فيرى الحنفية أنّ الفرقة تكون فسخاً فيما يلي:

رأي الحنفية:

  •  تفريق القاضي بين الزوجين بسبب إباء الزوجة الإسلام بعدما أسلم زوجها المشرك أو المجوسي؛ لأن المشركة لا تصلح لنكاح المسلم، والفرقة جاءت من قبلها، والفرقة من قبل المرأة لا تصلح طلاقاً؛ لأنها لا تتولىّ الطلاق، فيجعل فسخاً. أما إن كان الإباء من الزوج، فتكون الفرقة طلاقاً في قول أبي حنيفة ومحمد، وفسخاً في قول أبي يوسف.
  • ردّة أحد الزوجين.
  • تباين الدارين حقيقة وحكماً: بأن خرج أحد الزوجين إلى دار الإسلام مسلماً أو ذمياً، وترك الآخر كافراً في دار الحرب قياساً على الردة لعدم التمكين من الانتفاع عادة. أمّا إن خرج أحدهما مستأمناً وبقي الآخر كافراً في دار الحرب فلا تقع الفُرقة. وقال غير الحنفية: لا تقع الفرقة باختلاف الدارين.
  • خيار بلوغ الصغير أو الصغيرة. هذه الفرقة لا تقع إلا بتفريق القاضي. فإن كانت الفرقة بسبب اختيار المرأة نفسها لعيب الجب والعنة والخصاء والخنوثة، فهي فرقة بطلاق من طريق القاضي.
  • خيار العتق: بأن تعتق الأَمة ويبقى زوجها عبداً، فلها الخيار بالبقاء أو إنهاءِ الزواج، وتثبت الفرقة بنفس الاختيار؛ لأن الفرقة وقعت بسبب وجدّ منها وهو اختيارها نفسها، واختيارها نفسها لا يجوز أن يكون طلاقاً؛ لأنّها لا تملك الطلاق، إلا إذا ملكت كالمخيَّرة.
  • التفريق لعدم الكفاءة أو لنقصان المهر: تكون الفرقة فسخاً؛ لأنها فرقة حصلت لا من جهة الزوج، فلا يمكن أن يجعل ذلك طلاقاً؛ لأنه ليس لغير الزوج ولاية الطلاق، فيجعل فسخاً، ولا تكون هذه الفُرقة إلا عند القاضي كالفَسخ بخيار البُلوغ.
    وما عداها من أنواع الفرق التي تكون من قبل الزوج أو بسببٍ منه يكون طلاقاً، ومنه المخالعة. وعليه فإن ما يتميّز به الفسخ عن الطلاق عند أبي حنيفة ومحمد: هو أن كل فُرقة بسبب من جانب المرأة تكون فسخاً، وكل فرقة من جانب الرجل أو بسبب منه مختّص بالزواج فهي طلاق، إلا أن أبا حنيفة خلافاً لمحمد يعتبر الفرقة بسبب ردّة الزوج فسخاً؛ لأنه يرى أن الردّة كالموت من حيث إن صاحبها مُهدر الدم، فتُشبّه الفرقة بالموت، والفُرقة بالموت لا يمكن جعلها طلاقاً.

قال المالكية : إما أن تكون الفُرقة من زواج صحيح أو زواج فاسد.

1. إن كات الفرقة من زواج صحيح: فإنها تكون طلاقاً إلا إذا كانت بسبب أمر طارئ يوجب التحريم المؤبّد، سواء من أحد الزوجين أو من القاضي.
2.  وإن كانت الفرقة من زواج فاسد: فإن كان مُجمعاً على فساده: فإن الفرقة فيه تكون فسخاً، لا طلاقاً، كالفرقة من زواج المتعة، والزواج بإحدى المحارم، والزواج بالمعتدة، ونحوها.
وإن كان مختلفاً في فساده: وهو ما يكون فاسداً عند المالكية صحيحاً عند غيرهم، كزواج المرأة بدون وليّ فهو فاسد عندهم وصحيح عند الحنفية، فإن الفرقة فيه تكون طلاقاً لا فسخاً. ومنه زواج السر “وهو الذي يوصي الزوج الشهود بكتمان العقد عن الناس أو عن بعضهم”، فهو فاسد عندهم صحيح عند باقي الأئمة.

تكون الفُرقة فسخاً:

  •  إذا وقع العقد غير صحيح، كالزواج بالأخت أو إحدى المحارم، والزواج بزوجة الغير أو معتدته.
  • إذا طرأ على الزواج ما يوجب الحرمة المؤبدة كالاتصال الجنسي بشبهة من أحد الزوجين بأصول الآخر أو فروعه، ممّا يوجب حرمة المصاهرة.
  •  الفرقة بسبب اللعان: لأنه تترتب عليه الحرمة المؤبدة، لحديث” المتلاعنان لا يجتمعان أبداً “.رواه الدار قطني.
  •  الفرقة بسبب إباءُ الزوج الإسلام بعد أن أسلمت زوجته، أو إباء الزوجة غير الكتابية الإسلام بعد إسلام زوجها؛ لأن ذلك يأتي في معنى طروء مفسد على الزواج.

تكون الفُرقة طلاقاً:

  •  إذا استعمل لفظ الطلاق في الزواج الصحيح، أوالمختلف في فساده.
  •  إذا حدثت الفرقة بالخلع في الزواج أوالمختلف في فساده.
  • الفُرقة بسبب الإيلاء: هو أن يحلف الزوج ألا يَقرب زوجته أكثر من أربعة أشهر. فإنّ لم يعدل عن يمينه بعد أمر القاضي له عقب ادعاء الزوجة، فرّق بينهما، وكانت الفرقة طلاقاً.
  •  الفرقة لعدم كفاءة الزوج، سواء أكانت من الزوجة أم من وليها.
  •  الفرقة لعدم الإنفاق أو للغيبة، أو للضرر وسوء العشرة.
  •  الفرقة بسبب ردة أحد الزوجين عن الإسلام: فإنها طلاق في مشهور المذهب؛ لأنها فرقة بسبب أمر طارئ يوجب التحريم غير المؤبد الذي ينتهي بالرجوع عن الإسلام. وبه يظهر أن أغلب الفُرق تكون طلاقاً.

قال الشافعية:  هو أن فرقة النكاح طلاق وفسخ:

والطلاق أنواع: الطلاق المعهود صراحة أو كناية، والخلع، وفرقة الإيلاء، والحَكَمين. والفسخ أنواع سبعة عشر: فرقة إعسار مهر، وإعسار نفقة أو كسوة أو مسكن بعد إمهال الزوج ثلاثة أيام، وفرقة لعان، وفرقة خيار عَتيقة، وفرقة عيوب بعد رفع الأمر إلى الحاكم، وثبوت العيب، والفسخ به فوري إلا العُنَّة فتؤجل سنة من يوم ثبوتها، وفرقة غرور، ووطء شبهة كوطء أم زوجته أو ابنتها، وسبي للزوجين أو أحدهما قبل الدخول أو بعده؛ لأن الرّق في حال حدث أزال الملك عن النفس، فيكون عن العصمة أولى، وفرقة إسلام أحدُ الزوجين، أو ردّته، وإسلام الزوج على أُختين أو أكثر من أربعة، أو أُمتين، وملك أحد الزوجين الآخر، وعدم الكفاءة بأن أطلقت المرأة الإذن فبان الرجل غير كفء، وانتقال من دين إلى آخر كالانتقال من اليهودية إلى النصرانية، وفرقة رضاع بشرط كونه خمس رضعات متفرّقات قبل مضي حولين.

قال الحنابلة:  يكون الفسخ في حالات، منها ما يأتي:

  • الخلع إذا كان بغير لفظ الطلاق، أو بغير نية الطلاق.
  • ردة أحد الزوجين.
  • الفرقة لعيبٍ مشترك وهو الجنون والصرع، أو مختص بالمرأة كالرتق والقرن والبخر والقروح السيالة، وانخراق ما بين السبيلين، أو مختصٌ بالرجل كالجب والعنّة. ولا يفسخُ الزواج إلا الحاكم.
  •  إسلام أحد الزوجين.
  •  الفرقة بسبب الإيلاء بواسطة القاضي، إن انقضت المدة وهي أربعة أشهر، ولم يطأ الزوج زوجته، ولم يطلق بعد أن يأمره الحاكم بالطلاق.
  •  الفرقة بسبب اللعان: لأن اللعان يوجب التحريم بين الزوجين على التأبيد، ولو لم يحكم به القاضي.
  • أما الفرقة بسبب الطلاق: فهي ما كانت بألفاظ الطلاق صريحاً أو كناية.

الفُرَق التي تتوقف على القضاء والتي لا تتوقف على القضاء :

قد تحتاج الفرقة سواء أكانت طلاقاً أم فسخاً إلى قضاء القاضي، وقد لا تحتاج، ويظهر أثر التوقّف على القضاء وعدمه في بعض الأحكام، كالإرث، فإن وجد سبب الفرقة، ثم مات أحد الزوجين قبل صدور حكم قضائي، فإن احتاجت الفرقة إلى القضاء، فإن الآخر يرثه، وإن لم تحتج إلى قضاء فلا يرثه الآخر، لانتهاء الزوجية بمجرد وجود سبب الفرقة. أمّا الفُرَق التي تتوقّف على القضاء فهي نوعان: فرق الطلاق وفرق الفسخ.

وفرق الطلاق المتوقّفة على القضاء هي عند الحنفية ما يأتي:

  •  الفرقة بسبب اللعان. وقال المالكية في المشهور: أنه لا تتوقّف هذه الفرقة على القضاء.
  •  الفرقة بسبب عيوب الزوج وهي الجب والعنّة والخصاء، ويفسخ العقد عند الجمهور بسبب هذه العيوب أو عيب الرتق والقرن ونحوهما في الزوجة، بعد رفع الأمر للحاكم.
  •  الفُرقة بسبب إباء الزوج الإسلام في رأي أبي حنيفة ومحمد. وغياب الزوج أو حبسه، ولعدم الإنفاق على زوجته، وللشقاق بين الزوجين أو الإضرار بالزوجة.
  • وفُرَق الطلاق غير المتوقفة على القضاء هي:
    –  الفرقة بلفظ الطلاق، ومنه تفويض أمر الطلاق إلى الزوجة بالاتفاق.
    –  الفرقة بسبب الإيلاء عند الحنفية والمالكية.
    –  الفرقة بالخلع عند الجمهور غير الحنابلة.
  • وأما فرق الفسخ المتوقفة على القضاء فهي:
    –  الفرقة بسبب عدم الكفاءة.
    –  الفرقة بسبب نقصان المهر عن مهر المثل.
    –  الفرقة بسبب إباء أحد الزوجين الإسلام إذا أسلم الآخر، لكن الفرقة بسبب إباء الزوجة متفق عليه، وبسبب إباء الزوج متفق عليه في غير رأي أبي حنيفة ومحمد. وأما في رأي أبي يوسف فهي فسخ.
    –  الفرقة بسبب خيار البلوغ لأحد الزوجين عند الحنفية إذا زوَّجهما في الصغر غير الأب والجد.
    – الفُرقة بسبب خيار الإفاقة من الجنون عند الحنفية إذا زوَّج أحد الزوجين في الصغر غير الأب والجد والإبن.
  • وأما فُرَق الفسخ غير المتوقفة على القضاء فهي:
    –  الفسخ بسبب فساد العقد في أصله كالزواج بغير شهود، والزواج بالأخت.
    –  الفسخ بسبب اتصال أحد الزوجين بأصول الآخر أو فروعه اتصالاً يوجب حرمة المصاهرة.
    –  الفسخ بسبب ردة الزوج في رأي أبي حنيفة وأبي يوسف،فإن ارتد الزوجان فلا يفرق بينهما بمجرد الردة في الراجح عند الحنفية.
    –  الفسخ بسبب خيار العتق للزوجة.
    –  الفسخ بسبب ملك أحد الزوجين للآخر.

شارك المقالة: