من أهم ما يُميز أحكام العبادات في ديننا الإسلامي، أنها شاملة بأساليب واضحة ومفصلة، ومن السهل العمل والتعامل بها، ومن الأمثلة على ذلك ما سنتحدث عنه في هذا المقال، من مسائل فقهية تتعلّق بزكاة بهيمة الأنعام.
مسائل فقهية في زكاة بهيمة الأنعام:
المسألة الأولى لا يصح إخراج التيس ولا الهرمة ولا المعيبة:
يجب على صاحب الأنعام أن يخرج زكاتها عندما يحين وقتها، وبالمقدار المفروض، وعليه ألّا يخرج الشاة الهرمة، أو الشاة التي تعاني من عيب، ويؤثر هذا العيب على الانتفاع منها، ولا يصح أيضاً أن يخرج التيس من الأغنام، فقد ورد في كتاب أبي بكر الصديق _رضي الله عنه_ إلى الصحابي أنس بن مالك _رضي الله عنه_: “التي أمر الله رسوله _صلى الله عليه وسلم_، ولا يخرج في الصدقة الهرمة، ولا ذات العوار، ولا التيس إلا أن يشاء المصدق” رواه بخاري.
كما دعا رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ على مَن يعطي الهزيلة من الأنعام، حيث قال عليه الصلاة والسلام: “بعثنا مصدق الله ورسوله وإن فلاناً أعطاه فصيلاً مخلولاً، اللهم لا تبارك فيه ولا في إبله”، وعندما بلغ ذلك الرجل فجاء بناقة حسناء فقال: أتوب إلى الله _عز وجل_ وإلى نبيه _صلى الله عليه وسلم_، فقال النبي _صلى الله عليه وسلم_: “اللهم بارك فيه وفي إبله” النسائي.
المسألة الثانية إخراج الصدقة من وسط المال:
يتم تقسيم الأنعام إلى ثلاثة أقسام، ثلثاً شراراً، وثلثاُ وسطاً، وثلثاً خياراً، ويجب على المتصدق أن يخرج زكاته من وسط المال، وذلك لحديث النبي _عليه الصلاة والسلام_ عندما بعث معاذ _رضي الله عنه- إلى اليمن: فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب” حديث متفق عليه.
المسألة الثالثة لا زكاة في الأوقاص:
الأوقاص هي الزيادة في الأنعام التي تجب فيها الزكاة، خلال الحول، بما لا يحقق النصاب، ولا تجب زكاة في هذه الأوقاص.
المسألة الرابعة لا تجب الزكاة في غير بهيمة الأنعام من الحيوان:
تجبر الزكاة في الإبل والبقر والغنم، ولا تجب غيرها من الحيوانات، مثل الخيل والحمير، وما يتم صيده، فقد نص الشرع على أن الزكاة تجب فقط في بهيمة الأنعام، فقد قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: “قد عفوت عن الخيل والرقيق، فهاتوا صدقة الرقة” سنن أبي داود. لكن إذا أعد صاحب المال من الحيوانات غير بهيمة الأنعام لأغراض التجارة، فهذه يتوجب عليه أن يُخرج زكاتها طبقاً لأحكام زكاة عروض التجارة.
المسألة الخامسة الزكاة فيما هو أقل من النصاب من البقر والغنم والإبل:
الأصل أنه لا زكاة فيما لم يبلغ حد النصاب من الأنعام، لكن في حال اجتمعت عند صاحبها بغرض التجارة، ولم تبلغ أي منها النصاب، عليه أن يقوم بجمعها لبلوغ حد النصاب المحدد لعروض التجارة، ولا زكاة فيها إذا لم تكن من عروض التجارة.
المسألة السادسة وجوب الالتزام بالمقادير المحددة من الشرع في زكاة بهيمة الأنعام:
لا يجوز التغيير في المقادير التي حددها الشرع لزكاة بهيمة الأنعام، فهي مقادير بيّنها النبي _عليه الصلاة والسلام_، وهي ثابتة على مر الزمان، ولا مجال للتغيير فيها، ومثلها مقادير زكاة الفطر.
المسألة السابعة لا يجوز للمسلم أن يعيد صدقته بشرائها:
لا يصح للمتصدّق أن يبتاع صدقته ويعيدها، إذا عُرض عليه ذلك، فقد روى عبدالله بن عمر _رضي الله عنه_ أن عمر بن الخطاب _رضي الله عنه_ مل على فرس في سبيل الله فوجده يُباع، فأراد أن يبتاعه، فسأل رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ عن ذلك، فقال: “لا تبتعه ولا تعد في صدقتك” سنن أبي داود.
المسألة الثامنة حكم الزكاة في الشياه الصغيرة:
إذا اكتمل النصاب من الشياه الصغيرة عند صاحبها، فقد وجبت فيها الزكاة بعد حلول الحول عليها، ويُحتسب لها الحول منذ فترة امتلاكها، وذلك اعتماداً على عموم ما جاء في قول رسول الله _صلى الله عليه وسلم_”…فإذا بلغت خمساً من الإبل ففيها شاة”.
وقد ورد خلاف بين الفقهاء في هذه المسألة، ولكن الرأي الراجح هو وجوب الزكاة في الصغار إذا توافرت فيها باقي الشروط اللازمة لوجوب الزكاة في بهيمة الأنعام.
المسألة التاسعة حكم الزكاة في أنعام الرجل الواحد إذا كانت في بلدان مختلفة:
فإذا كانت الأنعام مقسمة في أماكن قريبة، يتم جمعها وإخراج المقدار الواجب فيها من الزكاة، أما إن تفرّقت الأنعام في بلدان بعيدة عن بعضها، يصعب جمعها، ففيها روايتان: الأولى أن يُحتسب كل مال في بلده وتُخرج زكاته، إن بلغ النصاب وتوافرت فيه الشروط، والثانية أنه يجوز لصاحب المال أن يضم جميع ما يملك، وإن كانت أمواله متفرّقة في بلدان مختلفة، ويقوم بإخراج ما يتوجب عليه من زكاة.
وذهب الفقهاء إلى أن الرواية الثانية هي الأصح؛ لأن المال يعود لمالك واحد وإن كان متفرقاً لا ضرر في ذلك، والله تعالى أعلم.
المسألة العاشرة يجب إخراج زكاة بهيمة الأنعام كل حسب جنسه:
تنقسم كل من بهيمة الأنعام التي تجب فيها الزكاة، على أكثر من صنف، فالإبل تنقسم إلى الإبل العربية، والإبل العجمية، والبقر منها الجواميس، والبقر المعتاد، أما الغنم فتنقسم إلى نوعين، وهما: الماعز، والضأن.
ويجب إخراج زكاة هذه الأصناف كل حسب صنفه، وفي بعض الأحيان قد يُضم بعضها لبعض، لغايات تكميل النصاب المحدد لزكاة بهيمة الأنعام.