كان للأمة الإسلامية شرف نقل الحديث النّبويّ الشريف مصدرها الثاني في التشريع الإسلامي، وكان ذلك من طريق الصّحابة عليهم رضوان الله تعالى، وقد كان الصّحابة العدول الثقات عند المحدّثين على إحساس عالي بمهمتهم بنقل الدين ومصادره ، فكانوا يتسابقون لنقل ورواية الحديث من النّبي صلّى الله عليه وسلّم ومن أقرانهم من الصّحابة ، فكان منهم المكثرين من الرواية والمقلّين منها، ولازال اسمائهم نجوماً تتلألىء في سماء الحديث الشريف، ونسير اليوم معكم إلى بيت صحابي من صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، كان له الذكر في الفقه والقضاء مرافقة لذكره في الحديث النّبوي الشريف، نسير إلى حصن منيع من حصون هذا الدين العظيم، معاذ بن جبل، الفقيه والمحدّث والقاضي، فتعالوا بنا نقرأ عن هذا الصّحابي الجليل.
نبذه عن حياته
هو الصّحابي الجليل معاذ بن جبل بن عمرو الأنصاريّ من مواليد يثرب سنة 18 قبل الهجرة، كان من الصّحابة الّذين أسلموا في شبابهم ، ولم ينبت شعر لحيته كما أورد الإمام الذّهبي، وكان من الشباب الّذين ساهموا بتحطيم أصنام الجاهلية عند بني سلمة، وشهد بيعة العقبة، والمشاهد كلّها مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وكان من أفقه الصّحابة رضوان الله تعالى، وجعله النّبي صلّى الله عليه وسلّم في مكة بعد الفتح يعلّم أهلها القرآن الكريم وفقيهاً بينهم وبعثة إلى اليمن فقضى بين أهلها، كان من مراجع الصّحابة رضوان الله يرجع إليه الصّحابة واستخدمه الخلفاء الراشدون من بعد النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام، وتوفي في طاعون عمواس في الأردن.
روايته للحديث النّبويّ
لقد كان معاذ بن جبل من الصّحابة المعروفين برواية الحديث النّبويّ الشريف، وروى عنه كثير من الصّحابة رضي الله عنهم والتابعين من أمثال: عبدالله بن عمر وبن عبّاس والفاروق عمر وأنس بن مالك، وروى عنه الحديث جماعة الحديث والمحدّثين مثل الشيخان وأصحاب السنن الأربعة الترمذيّ والنّسائيّ وابن ماجة وأبي داوود، وكان من صحابة رسول الله ممّن اشتهر برواية الحديث من بعد المكثرين منه من أمثال أبي هريرة وعبدالله بن عمرو وغيرهم ممَّا أوردت عنهم كتب الحديث كثيراً من هدي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.