معنى نزول القرآن على سبعة أحرف

اقرأ في هذا المقال


الأحرف: جمع حرف، والحرف له معان، كثير، قال صاحب كتاب القاموس: الحرف من كل شيء طرف، ومن الجبل أعلاه المحدد، قال تعالى: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن یَعۡبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرۡفࣲۖ فَإِنۡ أَصَابَهُۥ خَیۡرٌ ٱطۡمَأَنَّ بِهِۦۖ ﴾ صدق الله العظيم[الحج ١١] قال أكثر المفسرين الحرف الشك. وأصله من حرف الشيء أي طرفه. مثل حرف الجبل والحائط فإن القائم عليه غير مستقر.

قال جماعة أهل العلم بأنه : ” قوله صلى الله عليه وسلم: نزل القرآن على سبعة أحرف أي: وتفسيره (سبع لغات المشهورة عند العرب) وليس معناه أن يكون في الحرف الواحد سبعة أوجه، وإن جاء على سبعة أو عشرة أو أكثر، ولكن معناه أن وهي متفرقة في القرآن.

فالمراد من لفظ ( الحرف): أنه الوجه، بدليل ما يأتي:

ما روي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم : “ أقرأني جبريل على حرف فراجعته فزادني فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى على سبعة أحرف ” كلمة ( على ) إلى أن هذا الشرط للتوسعة والتيسير، بمعنى أنزل القرآن موسعاً فيه على القارىء أن يقرأه على سبعة أوجه، يقرأ بأي حرف أراد منها على البدل من صاحبه، كأنه قال: أنزل على هذا الشرط وعلى التوسعة.

اختلاف العلماء في تفسير الأحرف الواردة في الحديث:

  • ذهب بعض العلماء إلى أن المراد به سبع لغات من لغات العرب في التعبير في معنى من المعاني، جاء القرآن بسلعة ألفاظ على قدر هذه اللغات المعروفة، وإذا لم يكن اختلاف فإنه يأتي بلفظ واحد، وقيل: إن السبعة هي لغة قريش، وهذيل، وثقيف، وهوازن، وكنانة، وتميم، واليمن.
  • وقال جماعة من العلماء المقصود بالأحرف السبعة: (سبعةُ أحرف) المعروفة عند العرب التي جاء بها القرآن الكريم، على معنى أنه في جملته لا يخرج في كلماته عن سبع لغات، هي أفصح لغاتهم، فأكثره بلغة قريش، ومنه ما هو بلغة هذيل، أو ثقيف، أو هوازن، أو كنانة، أو تميم، أو اليمن، قال بعضهم: هذا أصح الأقوال وأولاها بالصواب، وهو الذي صححه البيهقي، واختاره الأبهري، واقتصر عليه صاحب االقاموس.
  • وقيل: إن المقصود بالأحرف السبعة الموجودة في القرآن، سبعة أنواع في القرآن، ولكن العلماء الذي يأخذون بهذه الأقوال حدث بينهم خلاف في تعيين هذه الأصناف، وفي أسلوب التعبير عنها اختلافاً كبيراً، فمنهم من يقول أنها أمر ونهي، وحلال وحرام، ومحكم ومتشابه، وأمثال، ومنهم من يقول: أنها وعد ووعيد وحلال وحرام ومواعظ.
     
  • وقيل: أن الأحرف السبعة هي الاختلاف في أمور عدة :
    – اختلاف الأسماء في الإفراد وفروعهما، مثاله قوله تعالى: ﴿وَٱلَّذِینَ هُمۡ لِأَمَـٰنَـٰتِهِمۡ وَعَهۡدِهِمۡ رَ ٰ⁠عُونَ﴾ صدق الله العظيم [المؤمنون ٨] فكلمة ” أمانتهم ” قرىء بالجمع والإفراد.
    الاختلاف في تصريف الأفعال من ماض وغيره من الأفعال مثاله قوله تعالى: ﴿فَقَالُوا۟ رَبَّنَا بَـٰعِدۡ بَیۡنَ أَسۡفَارِنَا وَظَلَمُوۤا۟ أَنفُسَهُمۡ فَجَعَلۡنَـٰهُمۡ أَحَادِیثَ وَمَزَّقۡنَـٰهُمۡ كُلَّ مُمَزَّقٍۚ إِنَّ فِی ذَ ٰ⁠لِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّكُلِّ صَبَّارࣲ شَكُورࣲ﴾  صدق الله العظيم[سبأ ١٩] قرىء بنصب لفظ ( ربنا ) على أنه منادى، وبلفظ ” باعد” فعل أمر، وقرىء ” ربُّنا بعَّد” برفع ” رب” على أنه مبتدأ وبلفظ : بعّد” فعلاً ماضياً مضعف العين، جملته خبر.
    اختلاف في بالتقديم والتأخير، إما في حرف كقوله تعالى: ﴿ أَفَلَمۡ یَا۟یۡـَٔسِ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَن لَّوۡ یَشَاۤ قرىءءُ ٱللَّهُ لَهَدَى ٱلنَّاسَ جَمِیعࣰاۗ ﴾ صدق الله العظيم[الرعد ٣١] قرىء ” أفلم يأيس”  بالبناء للفاعل في الأول، وللمفعول في الثاني، وقرىء بالعكس، وكقوله تعالى:   ﴿وَجَاۤءَتۡ سَكۡرَةُ ٱلۡمَوۡتِ بِٱلۡحَقِّۖ ذَ ٰ⁠لِكَ مَا كُنتَ مِنۡهُ تَحِیدُ﴾ صدق الله العظيم[ق ١٩] قرىء” وجاءت سكرة الحق بالموت” .
    اختلاف وجوه الإعراب، كقوله تعالى: ﴿ مَا هَـٰذَا بَشَرًا ﴾ صدق الله العظيم[يوسف ٣١] قرأ ابن مسعود بالرفع، وكقوله تعالى: ﴿ذُو ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡمَجِیدُ﴾ صدق الله العظيم [البروج ١٥] برفع ( المجيد) على أنه نعت كلمة ( ذو )، وجرها، على أنتها صفة العرش.
    الاختلاف بالزيادة والنقص، كقوله تعالى: (وَمَا خَلَقَ ٱلذَّكَرَ وَٱلۡأُنثَىٰۤ﴾ صدق الله العظيم [الليل ٣] قرىء ” الذكر والأنثى” بحذف ما خلق، وهذا الرأي الآخير قد ذهب إليه الرازي، وقاربه كل القرب مذهب ابن قتيبة، وابن الجزري، وابن الطيب، وقد أخذ به الشيخ الزرقاني في كتابه مناهل العرفان، وأيده ببعض الأدلة، وقال العلماء: أقرب الوجوه إلى الصواب هو المذهب الأخير، الذي اختاره الرازي، واعتمده الزرقاني في كتابه مناهل العرفان، وقده أيده بأدلة كثيره.

المصدر: زبدة الاتقان في علوم القرآن – محمد بن علوي المالكيمباحث في علوم القرآن – حسين صالح حمادة موجز علوم القرآن – الدكتور داوود العطار. محاضرات في علوم القرآن – فضل حسن عباس


شارك المقالة: