من أحكام القنوت في الصلاة - محل القنوت ومدة القنوت للنازلة

اقرأ في هذا المقال


محل القنوت ومدة القنوت للنازلة في الصلاة:

لقد اختلف بعض الفقهاء في محلّ القُنوت، بأنه هل هو قبلُ الركوع أم بعد الركوع؟ فقد ذهب بعض الحنفيّة والمالكيّة إلى أنّهُ قبل الركوع أو بعده، غير أنّ المندوب هو الأفضل كونه قبل الركوع عُقب القراءة بلا تكبيرةٍ قبله. أما الشافعيّة والحنابلة فإنهم يرون أنه بعد الرفع من الركوع بعد قول سَمع الله لمن حمده ربّنا لك الحمد.

والأظهرُ هو جواز الأمرين. وهو قولُ الجمهور، فيجوز أن يكون القُنوت قبل الركوع ويجوز بعده؛ وذلك لورود الأمرين عنه صلى الله عليه وسلم، ولذا بوّب البخاري رحمه الله بابًا قال فيه: “باب القنوت قبل الركوع وبعده”. لكن الأولى أن يقنت بعد الركوع؛ لأن رواةُ القنوت بعده أكثر وأحفظ، فهو أولى، والأمرُ فيه سعة.

مدة القنوت للنازلة:

تختلفُ مدة القنوت في النازلة، ويكون ذلك بحسب النازلة التي حصلت، فيُشرع القنوت مدّة النازلة إن كانت ذات وقتٍ. فإذا نزلت فجأة ثمّ أقلعت فيُشرع لأيّامٍ بعدها، والسنة في ذلك شهراً. وإن كان لحاجة المسلمين لحتى تُقضى. فإن طالت قُنت وترك إلى أن تزول. فهذه سنته عليه الصلاة والسلام في قُنوت النازلة.

فقد قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرًا في صلاة الغداة يدعو علي بني سُليم ورِعْل وذَكْوَانَ حينما قتلوا القرّاء” أخرجه البخاري.

أما الاستمراريةُ بالقنوت ما دامت النازلةُ نازلةً فقد جاء في البخاري ومسلمٌ بأنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: “اللَّهم نَجِّ الوليد بن الوليد اللَّهم نَجِّ عَيَّاشَ بن أبي ربيعة، اللَّهم نجّ المستضعفين من المؤمنين” وقال أبو هريرة رضي الله عنه: ثمّ رأيت النّبي صلى الله عليه وسلم ترك القنوت بعد، فقلت: أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم  قد ترك القنوت؟ قال: قيل “وما تراهم قد قدموا” أخرجه البخاري.

ما هو حكم الجهر والإسرار في القنوت؟

لقد ذهب المالكيّة إلى استحبابِ الإسرار بالقُنوت في حق الإِمام والمأموم والمنفرد؛ وذلك؛ لأنه دعاءٌ وينبغي الإسرار به حَذَراً من الرياء.

أما الشافعيّة فيُفرِّقون بين ما إذا كان المصلي إماماً أو منفرداً أو مأموماً؛ فإن كان إماماً فيستحبّ له الجهر بالقنوت، وإن كان منفردًا فيسرّ بلا خلاف، وإن كان مأمومًا؛ فإن لم يجهر الإِمام قنت سرًا كسائر الدعوات، وإن جهر الإِمام أمَّن على دعائه. وهذا هو الصحيح وعليه أكثر أهل العلم. والجهر به سواء كانت الصلاة جهريّة أو سرية، فيدعو الإِمام ويؤمِّن المأموم على دعائه.

ما هو حكم رفع اليدين في القنوت؟

ذهب المالكيّة إلى أنّهُ لا يُشرع رفع اليدين في القنوت، أمّا الشافعيّة ففيه وجهان عندهم؛ أصحّهما استحبابُ الرفع وهو قول الحنابلة وهو الصحيح؛ لوروده عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال أنس رضي الله عنه: “فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وجد على شيء قَطُّ وَجْدَهُ عليهم يعني القرّاء” فلقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم – في صلاة الغداة رفع يديه فدعا عليهم ” سنن أحمد.، وكذلك ذكر البيهقي آثارًا كثيرة عن الصحابة أنّهم كانوا يرفعون أيديهم في القنوت، وكذلك النووي في المجموع.

ما هو حكم مسح الوجه باليدين بعد الفراغ من القنوت؟

لقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة؛ فالشافعيّةلهم وجهتان نظر، أصحّهما هو عدم استحباب المسح. أما الحنابلة، فقد اختلفت الروايات عن الإِمام أحمد في ذلك؛ فأشهرها أنه يُمسح، واختارها الأكثرون. أما الثانية: هو أنه لا يُمسح، نقلها جماعة. واختارها الآجري؛ وذلك لضعف الخبر، والثالثة: هي أنه يكره، والرابعة: يمرّها على صدره. والأمرُ الصحيح هو أنه لا يُستحب مسح الوجه في الدعاء خارج الصلاة ولا في القنوت أيضاً؛ وذلك لعدم ورود ذلك، وأن الأحاديث التي جاءت في مسح الوجه ضعيفة ولا يحتجّ بها.

ذكر بعض الصيغ المستحبة في دعاء القنوت:

لقد ذكرنا أنَّه ليس هناك صيغة ملزمةً بالدعاء في القنوت، ولكن يُستحبّ للمصلّي أن يأتي بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ومثله عن صحابته رضوان الله عليهم، ومن ذلك ما يلي:

“اللهمّ إنا نستعينك ونستغفرك ونؤمنُ بك ونتوكل عليك ونخضعُ لك ونخلع ونترك من يكفرك، اللَّهم إيّاك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونسجد، نرجو رحمتك ونخاف عذابك إن عذابك الجدَّ بالكافرين مُلْحِقٌ”.

“اللَّهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولّني فيمن تولّيت وبارك لي فيما أعطيت وقني شرّ ما قضيت، إنّك تقضي ولا يقضى عليك وإنّه لا يذلّ من واليت تباركت ربنا وتعاليت” أخرجه أبو داود. وإن زاد: “ولا يعزّ من عاديت”. قبل: “تباركت ربّنا وتعاليت” وكذلك: “فلك الحمد على ما قضيت أستغفرك وأتوب إليك” فلا بأس.

“اللَّهم اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات وألِّف بين قلوبهم وأصلح ذات بينهم وانصرهم على عدوِّك وعدوِّهم، اللَّهم إلعن كفرة أهل الكتاب الذين يصدّون عن سبيلكَ ويكذّبون رسلك ويقاتلون أولياءك، اللَّهم خالف بين كلمتهم وزلزل أقدامهم وأنزل بهم بأسك الذي لا تردّه عن القوم المجرمين”.


شارك المقالة: