4 أدلة على نزول عيسى عليه السلام

اقرأ في هذا المقال


أدلة نزول عيسى عليه السلام

إن نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان ثابتٌ في الكتاب والسنة الصحيحة المتواترة، وذلك علامة من علامات الساعة الكبرى. ومن هذه الأدلة:
1. قال الله تعالى:” وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ” إلى قوله تعالى:”وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ” الزخرف: 57:61. فهذه الآيات جاءت في الكلام على عيسى عليه السلام، وجاء في آخرها قوله تعالى:”وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ” أيّ نزول عيسى عليه السلام قبل يوم القيامة علامةٌ على قرب الساعة، ويدلُ على ذلك القراءة الأخرى: “وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ” بفتح العين واللام، أيّ علامة وأمارةٌ على قيام الساعة، وهذه القراءة مرويةً عن ابن عباس ومجاهد وغيرهما من أئمة التفسير.
لقد روى الإمام أحمد بسنده إلى ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير هذه الآية:”وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ” قال: هو خروج عيسى بن مريم عليه السلام قبل قيام الساعةِ”. وقال الحافظ ابن كثير: الصحيح أنه أيّ الضمير عائد على عيسى، فإن السياق في ذكره، واستبعد أن يكون معنى الآية: ما بُعثَ به عيسى عليه من إحياء الموتى، وإبراء الأكمة والأبرص وغير ذلك من ذوي. وأبعدُ من ذلك ما رُوي عن بعض العلماء أن الضمير في:”وإنّهُ” عائد على القرآن الكريم.

2.
قال تعالى:”وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ” إلى قوله تعالى:”وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا” النساء: 157:159. فهذه الآيات، كما أنها تدل على أن اليهود لم يقتلوا عيسى عليه السلام، ولم يصلبوه، بل رفعه الله إلى السماء، كما في قوله تعالى:”إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ” آل عمران:55. فإنها تدلُ على أنّ من أهل الكتاب من سيؤمن بعيسى عليه السلام آخر الزمان، وذلك عند نزوله، وقبل موته، كما جاءت بذلك الأحاديث المتواترة الصحيحة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في جوابه لسؤال وُجّه إليه عن وفاة عيسى ورفعه: الحمد لله، عيسى عليه السلام حيّ، وقد ثبت في الصحيح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: ينزلُ فيكم ابن مريم حكماً عدلاً وإماماً مقسطاً، فيكسرُ الصليب، ويقتل الخنزير، ويضعُ الجزية، وثبت في الصحيح عنه أنه ينزل على المنارة البيضاء شرقي دمشق، وأنه يقتلُ الدّجال، ومن فارقت روحه جسده، لم ينزل جسده من السماء، وإذا أُحيي، فإنه يقوم من قبره.
3. وأما قوله تعالى:”إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا” آل عمران:55. فهذا دليلٌ على أنه لم يعنِ بذلك الموت، إذ لو أراد بذلك الموت، لكان عيسى في ذلك كسائر المؤمنين؛ فإن الله يقبضُ أرواحهم، ويعرجُ بها إلى السماء، فعُعلم أن ليس في ذلك خاصيّة، وكذلك قوله:”وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا“، ولو كان قد فارقت روحه جسده؛ لكان بدنه في الأرض كبدن سائر الأنبياء، أو غيره من الأنبياء.
4. وقد قال تعالى في الآية الأخرى:”وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ ۚ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ ۚ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ ۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًابَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا“. يُبين أنه رفع بدنه وروحه كما ثبت في الصحيح أنه ينزل ببدنه وروحه، إذ لو أريد موته، لقال: وما قتلوه وما صلبوه، بل مات. ولهذا قال من قال من العلماء: إني متوفيك، أيّ قابضك؛ أيّ أنه قابض روحك وبدنك، ويقال توفيتُ الحساب واستوفيتهُ.
وقد يُراد به توففّي النوم؛ كقوله تعالى:”اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا” الزمر:42. وقوله:”وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ” الأنعام:60. وليس الكلام في هذا البحث عن رفع عيسى عليه السلام، وإنما جاء ذكر ذلك لبيان أنه رُفع ببدنه وروحه، وأنه حيّ الآن في السماء، وسينزل في آخر السماء، وسينزل في آخر الزمان، ويؤمن به من كان موجوداً من أهل الكتاب، كما قال تعالى:”وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ” النساء:159.
قال ابن جرير: حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا سفيان عن أبي حصين عن سعيد بن جُبير عن ابن عباس:”وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ۖ” قال: قبل موت عيسى بن مريم. قال ابن كثير: وهذا إسنادٌ صحيح.


شارك المقالة: