من علامات الساعة التي لم تقع – انتفاخ الأهلة:
عن أبي أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:” من اقترب الساعة أن يرى الهلال قبلاً فيقال: لليلتين وأن تتخذ المساجد طرقا وأن يظهر موت الفجأة”.
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” من اقتراب الساعة انتفاخ الأهلة، وأن يرى لليلة، فيقال: هو ابن ليلتين”.
شرح الأحاديث:
إن هذان الحدثانِ يدلانِ إلى علامةً من علامة الساعة التي تتعلق بمنازل القمر، والذي يُلاحظ أنّ هذه المنازل تتغير نسبياً حتى يكون الهلالُ ابن ليلةٍ واحدةٍ بحجم الهلال ابن ليلتين، وهذه الظاهرةُ عبر عنها النبي عليه الصلاة والسلام بقوله: انتفاخُ الأهلة أي ينتفخُ الهلال فيرى أكبر من حجمه، وهذه العلامة لم تأتي بعد بهذ الشكل.
يرى البعض أن المراد بانتفاخ الأهلة هو خروج الهلال قبل وقته، وهذا في ظني خطأ، بل الهلال ليلة يخرج في وقته، لكن عندما يرى في أول ليلة يكون حجمه كبيراً يتناسب مع هلال ابن ليلتين، وهذا صريح في الرواية السابقة حيث أشارت إلى أنّ الهلال المرئ هو ابن ليلة، لكن حجمهُ يتناسب مع ابن ليلتين، وهذا ما يدل صراحة على أنّ منازل القمر نفسها تتغير، ولعلها تكون من باب العقوبة للأمة التي تختلف الآن لأسباب سياسية أو غيرها في رؤية الهلال ممّا يترتب عليه اختلافهم في بداية العبادة أو نهايتا، وما داموا مختلفين في ظل هذا التطور العلمي، وهذه الدقة في منازل القمر؛ إذا فليُعاقبوا في تلاعب منازل القمر بهم.
ارتباط الهلال بعبادتينِ عظيمتين وهما الصوم والحج، ولئن حرمت الأمة تعيين ليلة القدر بسبب تخاصم البعض عند رسول الله عليه الصلاة والسلام، فقد تحرم في آخر الزمان بسبب تخاصمها في تعيين يوم عرفة، فالمعلومُ أنه اليوم التاسع من ذي الحجةِ لكن إذا كان هلال ابن ليلةٍ سيُرى بحجم ابن ليلتين إذا سيكون هلال الثامن بحجم هلال التاسع، وهلال التاسع بحجم هلال العاشر، وهذا يترتب عليه أن يكون يوم النحر وفق منازل القمر المعهودة ووفق نظرة الناس للهلال هو يوم عرفة نفسه.
ومن المعلوم أن الجهة الوحيدة المكلفةِ بتعيين هلال ذي الحجة هب السعودية؛ لذا لم يختلف أحد معها في تعيين يوم عرفة أو يوم النحر، ولم نعهد أي اختلاف في ذلك في حدود علمي، إنما جلّ الاختلاف بين الدول العربية يكون في تعيين أول يومٍ من رمضان أو آخر يومٍ فيه، أما يوم النحر فقد فوض الجميع أهل الحرمين ليفتوا فيه، إن ما لفت انتباه البعض لأول مرة أن آخر موسمٍ للحج قد حصل فيه اختلاف في تعيين التاسع والعاشر من ذي الحجة بين أهل الحرمين أنفسهم، وخلص الأمر إلى تقديم يوم على حساباتهم، فهل هذه الحالة هي بداية انتفاخ الأهلة أو إرهاصات وقوع هذه العلامة هذا الأمر يحتمل، والأصل في الجهات المعنية أن تنتبه لذلك.
إن انتفاخ الأهلة يُشير إلى تغير جوهري في منازل القمر في آخر الزمان، أي نحن أمام علامة طبيعية وليس بشرية، ما الحكمة من ذلك؟ لكن المهم قوله هنا أن لهذه العلامة على وجه الخصوص أسرارها ستظهر لأهلها في وقتها.