من علامات الساعة الصغرى - أيام الصبر

اقرأ في هذا المقال


من علامات الساعة الصغرى – أيام الصبر:

عن أبي أُميّة الشعباني قال: أتيتُ أبا ثعلبةَ الخُشنيّ فقلتُ له كيف تصنعُ بهذه الآية قال أيّة آيةٍ؟ قلتُ: قوله تعالى:” يا أيّها الّذين آمنوا عليكُم أنفُسكم لما يضُرُّكم من ضلّ إذا اهتديتُم” قال: أما والله لقد سألت عنها خبيراً سألتُ عنها رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال:” بل ائتمروا بالمعروف، وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شُحّاً مُطاعاً وهوى مُتّبعاً ودُنياه مؤثرةً وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بخاصّةِ نفسك ودع العوام فإنّ من ورائكم أياماً، الصبّرُ فيهنّ مثلُ القبضِ على الجمر للعامل فيهنّ مثلُ أجرِ خمسينَ رجلاً يعملون مثل عملكم. قال عبد الله بن المبارك وزادني غير عُتبةٍ قيل يا رسولُ الله: أجرُ خمسينَ مِنّا أو منكم؟ قال: بل أجرُ خمسينَ منكم”. أخرجه أبو داود.
وعن أنسِ بن مالك قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:” يأتي على الناسِ زمانٌ الصّابرُ فيهم على دينهِ كالقابضِ على الجمر”. أخرجه الترمذي.
شرح الحديث: ويتضمن شرح الحديث ما يلي:
إن هذه الأحاديث تُشير صراحة إلى تغير الزمان وفساد أهله، وكثرة الفتنِ المُهلكةِ، وصنوف البلاء والمحن التي يُبتلى بها أهل الله في آخر الزمان، بحيثُ لا يُثبت على الدّين وتعاليمهُ الحقةِ إلا من رزق صبراً عظيماً، فكما لا يصبر الإنسان على قبض الجمر بيديه، فكذلك يُصعبُ التمسك في الدين ذلك الزمان.

– إن هذه الأحاديث أيضاً تحتمل في حق المؤمن معنيين:

 الأول: شدّةُ البلاء وكثرة الفسق مع ضعف الإيمان المعين على الصبر، وهذا المعنى أشار إليه الطييّ بقوله:” المعنى كما لا يقدر على ثباته على دينه لغلبة العُصاةِ والمعاصي وانتشار الفسقِ وضعف الإيمانِ.
الثاني: شدّة البلاء الذي لا يتصور حفظ الإيمان معه إلا بصبر عظيم، أيّ يلحق المؤمن المشقة بالصبر في تلك الأيام كمشقةِ الصابر على قبض الجمر بيده، وهذا المعنى أشار له العلاقة القاري بقوله: الظاهر أنّ معنى الحديث كما لا يمكن القبض على الجمرة إلا بصبر شديد وتحمل غلبة المشقة كذلك في ذلك الزمان لا يتصور حفظ دينه ونور إيمانه إلا بصبرٍ عظيم.
يتضح من حديث أبي ثعلبة أن أيام الصبر تلك لها أهلها من المؤمنين الصادقين الصابرين،وهم الطائفة المنصورة التي تعيش في الغربة الثانية لدين الله، وتجتهد لدين الله سبحانه وتعالى حتى يتم لهم وعد الله سبحانه وتعالى: وهؤلاء ينالون أجراً عظيماً من الله سبحانه وتعالى على ثباتهم على دينه، لدرجةٍ يُفضل أجرهم في أيام الصبر على أجر خمسين من الصحابة رضي الله عنهم، وجاء تعليل ذلك في آثارٍ أخرى بأن الصحابة رضي الله عنهم، وجاء تعليل ذلك في آثار أخرى، بأن الصحابة يجدون على الحق أعواناً، وهؤلاء لا يجدون على الحق أعواناً، والعون المقصود هو كون الرسول عليه الصلاة بين ظهرانيهم، والوحي يتنزل بينهم، وهذا العون العظيم الذي اختص به الصحابة أشار إليه النبيّ عليه الصلاة والسلام بقوله:” طُوبى لِمن رآني وآمنَ بي، ثمّ طوبى ثمّ طوبى ثمّ طوبى لمن آمنَ بي ولم يَرَني”. أخرجه أحمد.
إنّ هذا الأجر الذي يفضل على أجر الصحابة لا يتنافى مع كون الصحابة أفضلُ البشر، وقرنّهم خيرُ القرون، وتوجيهه أن أفضليّة هؤلاء في الأجر على الصحابة من هذه الحيثيةِ فقط، والفضل الجزئي لا ينافي الفضل الكلي. يقولُ الشيخ عز الدّين بن عبد السلام: ليس هذا أيّ الأجر والأفضلية على إطلاقه بل هو مبني على قاعدتين: الأولى:ُ غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباءِ من أمتي، يُريد المنفردين عن أهلِ زمانهم”.


شارك المقالة: