من علامات الساعة الصغرى - ظهور المخترعات ومنها السيارة

اقرأ في هذا المقال


ظهور المخترعات ومنها السيارة:


إنّ من علامات الساعة التي ظهرت في هذا الوقت هي المخترعات ومنها ظهور اختراع السيارة وقد ورد ذلك في القرآن والسنة الكريمة وسنذكر الأدلة من القرآن والسنة عليها.
– من القرآن: قال الله تعالى:” والخيلُ والبغال والحميرُ لتركبوها وزينةً ويخلقُ ما لا تعلمون” النحل:8.

– أما من السنة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:” تكونُ إبل ٌللشياطين وبيوتٌ للشياطين فأما إبلُ الشياطين فقد رأيتها يخرجُ أحدكم بجُنيباتٍ معه قد أسمنها فلا يعلو بعيراً منها ويمُر بأخيهِ قد انقطع به فلا يحملهُ، وأما بُيوت الشياطين فلم أرها” أخرجه أبو داود في الجهاد. فكان سعيد يقول: لا أراها إلا هذه الأقفاص التي يستُر الناسُ بالدّيباج.
شرح هذا الحديث:
1. إنّ بيان هذا الحديث هو إبراز حدثين حاصلين في الأمة ألا وهما: إبلُ الشياطين وبيوت الشياطين، وجاء بيان المراد بإبل الشياطين، وهي الإبل المعدة للتكاثرِ والتفاخر ولم يُقصد بها أمرٌ مشروع، ثم بين النبي عليه الصلاة والسلام الوجه الذي استحقت فيه هذه الإبل أن تنسب للشياطين، وهو أن صاحبهما يسير بها مجتمعةً لا يعلو واحداً منها، فإذا مرّ على أخيه المسلم الذي كلّ عن السير وانقطعَ به الطريق فلا يحملهُ معه في طريقه، أيّ أنّ إبل الشياطين هي الركوبة القادرة على الحمل، ولكن صاحبها لا يحمل عليها المنقطع في الطريق ممن هو في حاجة لئِن يحمل.
2. أما بيوت الشياطين فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام أنه لم يراها؛ أيّ أنه يعاين في عصره شيئاً شبيهاً لها لكي يصفُها الصحابةِ، فهي أمرٌ جديد سيجِدّ على الأمة من حيث الوصف والماهية، وسياق الحديث يبرز أن المراد بها أيضاً ركوبةً تشبه البيت يمرُ بها صاحبها على أخيه المنقطع فلا يحملهُ عليها، وركوبةً تُشبه البيت ممّا لم يعهد في العصور السابقة، لا يصدق إلا على ما عهدناه في عصرنا بما يُعرف بوسائل النقل الحديثة، مثل السيارة والشاحنة وغيرها فالسيارةُ هي أصدقُ وصفٍ لبيوتِ الشياطين التي ذكرها النبي عليه الصلاة والسلام.
3. فهذه العلامة إذا كان المراد بها السيارات، فهي حاصلةٌ في زماننا، وكثيرٌ ما نرى من أصحاب السيارات الخاصة أنهم يأنفون أن يحملوا أخاهم المنقطع في طريقهم.
وقد يعترض البعض قائلاً: إن حمل المراد ببيوت الشياطين على السيارة نوع من التعسف، فليس في السياق ما يدل على ذلك، فالأولى حملُها على تلك البيوت الفارغة التي يُعمرها أصحاب الترف دون حاجةٍ إليها تكاثراً وتفاخراً، وتترك تلك البيوت فارغة دون أن ينتفع بها أحد، فإن بعض المترفين في عصرنا يكون له أكثر من بيت، وأحياناً يكون له عدةُ طوابق، وشقق متعددة، وهناك الكثيرون حوله لا يجدون مأوى لهم، وكثيراً من هذه البيوت تُترك فارغةً لمناسبةٍ واحدة في العام فقط، فهذه البيوت يصدق عليها وصف النبي عليه الصلاة والسلام، وهي كثيرةً في عصرنا، والأصل أن يحمل الكلام عليها وليس على السيارة وغيرها.
ويُُجاب على هذا الإعتراضِ، بأنه يمكن تصور بأن هناك تعسفاً في حمل الحديث على السيارة إذا لم تكن هناك أيّ قرينةٍ دالةً على ذلك، ومن تأمل الحديث يجد عدة قرائن تجعل هذا المحمل مسوغاً، ومنها ما يلي:
القرينةُ الأولى: أن سياق الحديث يُشير إلى أنّ مراد النبي عليه الصلاة والسلام هو الحديث عن وسائل نقل يُراد بها التفاخر، ولا ينتفعُ بها المسلمون المحتاجون لها ممّا يُشير إلى حصول الأثرة وتفتتِ اللحمةِ الإسلامية، فهذا الأمرُ واضحٌ في تفسيرهِ لإبل الشياطين، لذلك ناسب المقام أن تحمل البيوت أيضاً على وسائل النقل، والملاحظ على التابعي راوي الحديث، أنه حمل بيوت الشياطين على تلك الأقفاص والمحامل والهوادج التي يتخذها المترفون في سفرهم وترحالهم، وهذا المحمل من التابعي يُشير إلى أنه يرى سياق الحديث كلهُ يُشير إلى وسائل النقل، وتفسيره إنما هو اجتهاد في حدود ما عهده في عصره مع أن ما فسره به البيوت كانَ معروفاً في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، ولا يصعبُ على النبي عليه الصلاة والسلام أن يذكره، ولا يصعبُ على الصحابة أن يتصوروهُ، وهذا كله يعزز أن المراد ببيوت الشياطين أمرٌ غريب في جنسه ووصفه ويُستخدم كركوبة في آخر الزمان، وهذا لا يصدق إلا على السيارة.
القرينة الثانية: أنه لو كان المقصود من بيوت الشياطين، تلك البيوت الفارغة التي تكون لبعض المترفين، ويمنعون المحتاجين من الانتفاع بها، لفسرَ النبي عليه الصلاة والسلام المراد بها، ولما قال: أما بيوت الشياطين فلم أرها، فجنسُ البيوت أمرٌ يُسهل وصفه، فكما أنه وصف المراد بإبل الشياطين مع أن هذا الأمر لم يكن في عهده، كذلك أمكن له أن يصف تلك البيوت، فالمقام مقام بيان.
القرينة الثالثة: هناك قول النبي عليه الصلاة والسلام عن بيوت الشياطين أنه لم يرها إشارة واضحةً إلى أن هذه البيوت أمراً مغايراً لما يعهدهُ في عصره من البيوت، وهذا الوصف لا ينطبق وفق سياق الحديث إلا على السيارات، لذا صعب وصفها للصحابة، ولئن وصفها فسيصعبُ عليهم تصورها، لذا ترك الأمرُ لزمانه الذي يتضح فيه تأويل المراد به.


شارك المقالة: