بعث الريح الطيبة لقبض أرواح المؤمنين:
إن من علامات الساعة الصغرى هبوب الريح الطيبة لقبض أرواح المؤمنين، فلا يبقى على ظهر الأرض من يقول: الله، الله. ويبقى شرار الناس، وعليهم تقوم الساعة. وقد جاء في صفة هذه الريح أنها ألين من الحرير، ولعل ذلك من إكرام الله لعباده المؤمنين في ذلك الزمان المليء بالفتن والشرور.
وجاء في حديث النوّاس بن سمعان الطويل في قصة الدّجال ونزول عيسى عليه السلام وخروج يأجوج ومأجوج: إذا بعث الله ريحاً طيبةً، فتأخذهم تحت آباطهم، فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم، ويبقى شرار الناس، يتهارجون فيها تهارجُ الحُمر، فعليهم تقوم الساعة.صحيح مسلم.
وروى مسلمٌ عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:” يخرجُ الدّجال، فذكر الحديث، وفيه. فيبعث الله عيسى ابن مريم كأنه عروة بن مسعود، فيطلبهُ، فيُهلكهُ، ثم يمكث الناس سبع سنين ليس بين اثنين عداوة، ثم يُرسل الله ريحاً باردة من قِبل الشام، فلا يبقى على وجه الأرض أحدٌ في قلبه مثقال ذرّة من خير أو إيمان إلا قبضته، حتى لو أن أحدكم دخل في كبد جبل لدخلتهُ عليه حتى تقبضه.
فقد دلت الأحاديث أن ظهور هذه الريح يكون بعد نزول عيسى عليه السلام، وقتله الدّجال، وهلاك يأجوج ومأجوج. وأيضاً، فإن ظهورها يكون بعد طلوع الشمس من مغربها، وبعد ظهور الدّابة، وسائر الآيات العظام”. وعلى هذا فظُهورها قريبٌ جداً من قيام الساعة. صحيح مسلم.
ولا يتعارض أحاديث ظهور هذه الريح مع الحديث الذي يقول : “لا تزال طائفةٌ من أمتي، يقاتلون على الحق، ظاهرينَ إلى يوم القيامة”. وفي روايةٍ أخرى” ظاهرين على الحق، لا يضرّهم من خذلهم، حتى يأتي أمرُ الله وهم كذلك”، فإن المعنى أنهم لا يزالون على الحق حتى تقبضهم هذه الريح اللينة قرب القيامة، ويكون المراد بأمر الله هو هبوب تلك الريح”.صحيح مسلم.
وجاء في عبد الله بن عمرو أن ظهور هذه الريح يكون من الشام. وجاء في حديثٍ آخر عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إنّ الله يبعثُ ريحاً من اليمن، ألين من الحرير، فلا تدعُ أحداً في قلبه مثقال ذرّةٍ من إيمان، إلا قبضته”. صحيح مسلم.
ويُجاب عن هذا بوجهين:
– يحتمل أنهما ريحان: شامية، ويمانية.
– ويحتمل أن مبدأها من أحد الإقليمين، ثم تصل الآخر وتنتشر عنده.