من هم أبناء النبي نوح عليه السلام وهل زوجة نوح معهم في السفينة؟

اقرأ في هذا المقال


من هم أبناء نوح عليه السلام وهل زوجة نوح في السفينة معهم؟

لقد ذكر بعض المُفسرون الكرام عند قول الله تعالى: “ذُريّةَ من حَملنا معَ نوحٍ” حديثان عن سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وهما:
الأول: يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن أبناء نوح هم ثلاثة، وهم: حام، وسام، ويافث.
الثاني: أخرج ابن مردويه عن عبد الله بن زيد الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ذرية من حملنا مع نوح، قال: ما كان مع نوح إلا أربعة أولاد: حام، وسام، ويافث، وكوش، فذلك أربعة أولاد، إنتسلوا هذا الخلف فما دلالة هؤلاء الحدين:
فالحديث الأول: يُشير إلى أنه هو الحديث المشهور. رواه الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قول الله تعالى: “وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ” الصافات:77، قال: حام، وسام، ويافث. أخرجه الترمذي وقال: حسن غريب، وأحمد، والروياني، والطبري. وضعفه الألباني، وشعيب الأرناؤوط. وذكر له ابن كثير في البداية والنهاية شاهدين ضعيفين عن عمران بن حصين، وعن أبي هريرة.
أما الحديث الثاني: فقد عزاه ابن المُلقن في التوضيح لتفسير ابن مردويه. ولم يزد السيوطي في الدر المنثور في عزوه على ذلك! وكذلك من تبع السيوطي، مثل الشوكاني في فتح القدير، وصديق حسن خان في فتح البيان.
وتفسير ابن مردويه فإنه لم يطبع بعد، وقيل إنه مفقود ومع ذلك؛ فإن النسابين لا يذكرون لنوح عليه السلام إلا ثلاثة أبناء في حديث سمرة، قال القلقشندي في نهاية الأرب: قد وقع الاتفاق بين النسابين، والمؤرخين أن جميع الأمم الموجودة بعد نوح -عليه السلام-، جميعهم من بنيه، دون من كان معه في السفينة؛ وعليه يحمل قوله تعالى: “ذرية من حملنا مع نوح”. وأما من غير بنيه ممن كان معه في السفينة، فقد روي: أنهم كانوا ثمانين رجلًا، وأنهم هلكوا عن آخرهم ولم يعقبوا. ثم اتفقوا أن جميع النسل من بنيه الثلاثة: يافث، وهو أكبرهم، وسام، وهو أوسطهم، وحام، وهو أصغرهم. إذا علمت ذلك؛ فكل أمة من الأمم ترجع إلى واحد من أبناء نوح الثلاثة.
أما فيما يخصُ امرأة نوح، فقد دلّ القرآن على أنها كانت كافرة ولم تركب مع نوح، فلم يركب السفينةُ إلّا الأشخاص المؤمنين. كما قال تعالى: “قلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ” هود:40، وقال تعالى: “وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ” المؤمنون:27، قال ابن كثير: أي: من سبق عليه القول من الله بالهلاك، وهم الذين لم يؤمنوا به من أهله، مثل ابنهُ وزوجته.
وقد ذُكر في تفسيرِ الجلالين إلا من سبقَ عليه القول منهم بالإهلاكِ، زوجتهُ وولدهُ كنعان، غير سام وحام ويافث، فقد حملهم وزوجاتهم ثلاثة. وفي سورة هود: “ومَن آمنَ وما آمنّ معهُ إلا قَليل”.وقال عامة المفسرين بهذا الأمر.

وقال ابن الجوزي في تفسيره الغريب: الذين صعدوا السفينة هم امرأته، وابنه كنعان. وهذا أمر من ألغى كون امرأته كانت معه في السفينة. وقد روى الطبري في تفسير قوله تعالى: “ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ” الإسراء:3، عن مجاهد قال: بنوه، ونساؤهم، ونوح، ولم تكن امرأته. وهناك من نصّ من أهل العلم على أنّ امرأته كانت معه في السفينة كما رُوى الطبري في تفسيره عن قتادة في قوله تعالى: “ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ” الإسراء:3، قال: بنوه ثلاثةٌ، ونِساؤهم، نوح عليه السلام وامرأته المسلمة.
وقال ابن كثير في البداية والنهاية: قد قيل: إن نوحًا -عليه السلام- لم يولد له هؤلاء الثلاثة الأولاد: سام، وحام، ويافث إلا بعد الطوفان، وإنما ولد له قبل السفينة كنعان الذي غرق، وعابر مات قبل الطوفان. والصحيح أن أولاده الثلاثة كانوا معه في السفينة هم ونساؤهم، وأمهم، وهو نص التوراة.
وكفر امرأة نوح المنصوص عليه في القرآن لا يخفى على أمثال هؤلاء، فلعلّهم يقصدون أن نوحًا -عليه السلام- كانت له زوجة أخرى مسلمة؛ فقد ذكر بعضهم في سياق واحد هلاك امرأته، وأنه كان معه امرأته في السفينة، كما قال البغوي في تفسيره: “إلا من سبق عليه القول” بالهلاك، يعني امرأته واعِلة، وابنه كنعان، “ومن آمن”، يعني: واحمل من آمن بك … قال قتادة، وابن جريج، ومحمد بن كعب القرظي: لم يكن في السفينة إلا ثمانية، نوح، وامرأته، وثلاثة بنين له، ونساؤهم”.
وقد أشار بعض المفسرين على أنه كان للنبي نوح عليه السلام امرأةً مسلمة، فقال البيضاوي في أنوار التنزيل: إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ، بأنه من المغرقين، يريد ابنهُ كنعان، وأمه واعلَة، فإنهما كانا كافرين. “وَمَنْ آمَنَ” والمؤمنين من غيرهم. “وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ” قيل: كانوا تسعةً وسبعين:وهم زوجتهُ المُسلمة، وبنوه الثلاثة: سام وحام ويافث، ونساؤهم، واثنان وسبعون رجلًا وامرأة من غيرهم.


شارك المقالة: