من هو يوسف عليه السلام؟

اقرأ في هذا المقال


يوسف عليه السلام:

هو يوسف بن يعقوب بن اسحاق بن إبراهيم عليهم السلام، ويعقوب هو إسرائيل وقد أتم الله عليه نعمتهُ عليه فكانوا رسلاً مبشرين ومنذرين، فقال تعالى: “ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ” آل عمران:34. فقد كان يوسف جميل الصورة، آثرهُ يعقوب وخصهُ بقسطٍ عظيم من محبته، فذلك هو السبب في حقد إخوته، وكان سبباً في محنته التي كانت خيراً له ونعمةً عليه وعلى بلاد مصر والمصريين، فقد صدق ابن عطاء الله السكندري حين قال: ربما كمنت المنن في المحن. وقد ذكر اسمه في أربع وعشرين آية من سورة يوسف وفي آية من غافر وفي آية من سورة الأنعام أي في ستٍ وعشرين موضعاً في القرآن الكريم.
يقول الفخر الرازي: قال صاحب الكشاف: يوسف الصحيح بأنه اسمٌ عبراني؛ لأنه لو كان اسماً عربياً لانصرف لخلوة عن سبب آخر سوى التعريف، ويقرأ بعضهم يوسف بكسر السين، ويوسف بفتحها، وقد روى في كلمة يونس، هذه اللغات الثلاث، وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا قيل من الكريم فقولوا الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام.
لقد كان يعقوب عليه السلام يميلُ بحبه إلى ابنه يوسف وبنيامين كثيراً، وكان يُفضلهما بزيادة المحبة على إخوتهما لما كان لهما من المحاسنِ، مثل حسن الخلق وغير ذلك، فكان هذا الأمرُ سبباً في كرهِ وحقد إخوتِهما عليهما، وهو سبباً في محنةِ يوسف التي ابتُلي بها ونال بها الدرجات العُلى عند الله.
لقد كان يعقوبُ عليه السلام يُناهز من العمر ما يزيد على المائة، وكان ذلك بعد سبع عشرة سنة من اجتماعه بيوسف، وقد أوصى نبيُّ الله يعقوب ابنه يوسف عليه السلام أن يدفنه مع أبيه إسحاق وجده إبراهيم عليهم الصلاة والسلام ففعل ذلك، وسار به إلى فلسطين ودفنه في المغارة بحبرون وهي مدينة الخليل في فلسطين.
إن من الواضح أنّ الأسباط هم ذرية إخوة يوسف عليه السلام وهم شعوبِ بني إسرائيل، وكان يوجد فيهم أنبياءٌ نزل عليهم الوحي، ولم يكن من أولاد يعقوب نبيٌّ غير يوسف عليه السلام إلا أن هناك احتمالاً أن يكون بنيامين نبيًّا، وأما ما ذهب البعض إليه من القول بنبوة إخوته فمردودٌ لأنَّ النبوة لا تصح لإخوة يوسف الذين فعلوا تلك الأفاعيل الخسيسة وهم من سوى بنيامين، فالأسباط الذين أُنزل عليهم الوحي هم من نُبِّىء من ذريتهم.
إن يوسف عليه السلام من أشهر وأعظم أنبياء بني إسرائيل، وقد ذُكرت قصةُ يوسف عليه السلام في سورة يوسف بالتفصيل، وفيها توضيحٌ لحياته ومِحنته مع إخوته ومحنتهِ مع امرأة العزيز، وعند دخوله السجن ودعوته فيه إلى الله تعالى، ثم بعد ذلك خروجه من السجن وتفسيرُه لرؤيا الملك وكيف تسلمَ خزائن الأرض أي أرض مصر، ثم إقبالُ إخوته إلى مصر بسبب القحطِ الذي حلّ على أرضهم، وإبقاؤه لأخيه بنيامين عنده، ثم اجتماعه بأبيه وإخوته ودخولهم عليه وسجودهم له على وجه التحية والتعظيم وكان ذلك جائزًا في شريعتهم، إلى غير ذلك من إشارات دقيقة وعظات بالغة يُستفاد بها من حياة هذا النبي الكريم.

هل رؤيا الأنبياء حق؟

نعم إن رؤيا الأنبياء حق، وليست أضغاثُ أحلام؛ لأنه لا يدخلها شيطان، وها هو يوسف عليه السلام، يرى في المنام أن أحد عشر كوكباً والشمس والقمر سجدوا له، فقام وقصّ هذه الرؤيا على أبيه في غيبة إخوته، فيقول الله تعالى: “إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَقَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا ۖ إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ وَكَذَٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَىٰ أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ ۚ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ” يوسف:4-6.
لقد قال المفسرون: بأن تفسير الرؤيا هي بأن الكواكب هم إخوتهُ، أما الشمسُ فهي أمهُ، والقمرُ هو أباه، فَقَصَّ يوسف عليه السلام هذه الرؤيا على أبيه، وكان يبلغ من العمر آناذاك اثنتي عشرة سنة، فحنّ وأشفق عليه أبوه يعقوب من حسد إخوته له، قال تعالى إخباراً عن قول يعقوب: “قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا” سورة يوسف:5 أي يدبروا حيلة لإهلاكك لأن الشيطان للإنسان عدو مبين. لقد علم يعقوب عليه السلام بأن يوسف سيكون لهُ شأنٌ عظيم وبأنهُ سينالُ رتبةً عاليةً ورفعةً ساميةً في مراتب الدنيا والآخرة، لذلك أمره بعدم البوح لأي أحدٍ فيما رأى في المنام وبأن لا يُخبر أحداً وأن لا يروي لأي شخصٍ ما رآه؛ وذلك خوفاً عليه من كيد إخوته وحسدهم.


شارك المقالة: