اقرأ في هذا المقال
- من يدخل العاقلة ويتحمل العقل
- المتفق على دخولهم في العاقلة
- المتفق على عدم دخولهم في العاقلة
- المختلف في دخولهم العاقلة
من يدخل العاقلة ويتحمل العقل:
هناك أناس يدخلون في العاقلة، يتحملون معهم الدية، وهناك آخرون لا يدخلون في العاقلة، وهنا صنفٌ آخر اختلف الفقهاء في دخولهم العاقلة أو عدمه، وفيما يلي تفصيلُ القول في ذلك كله.
المتفق على دخولهم في العاقلة:
الرجال: ويتفق الفقهاء على أن الرجال البالغين العاقلين الموسرين من عَصباتِ الجاني، وهم الذين يدخلون في العاقلة الدية.
المتفق على عدم دخولهم في العاقلة:
وهم النساء والصبيان والمجانين: ويتفق الفقهاء على أن النساء لا يدخلن العاقلة ولا يتحملن من الدّية شيئاً. واستدلوا بالسنة والأثر والإجماع والمعقول كما يلي:
– السنة: عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قضى رسول الله صلّى الله عليه وسلم في جنين امرأة من بني لحيان سقط ميتاً بغرةٍ عبدٍ أم أمةٍ، ثم إن المرأة التي قضى عليها بالغرة توفيت، فقضى رسول الله صلّى الله عليه وسلم بأن ميراثها لبنيها وزوجها، وأن العقل على عصبتها، أي عصبة القاتلة. ووجه الدلالة: قضى النبي عليه الصلاة والسلام بالديّة على العصبة، ومن المعلوم أن النساء لسنّ بعصبة.
– الأثر: وروي عن عمر رضي الله عنه قال: لا يعقل مع العواقل صبيٌ ولا إمرأة. رواه الزيلعي. ووجه الدلالة هو واضحٌ من قول عمر رضي الله عنه أن الصبي والمرأة لا يدخلون العاقلة ولا يتحملون الدية.
– الإجماع: قال الإمام الشافعي رحمه الله “ولا أعلم مخالفاً أن الصبي والمرأة لا يحملان منها شيئاً وإن كان موسرين”.
– المعقول: وعلى هذا لو كان القاتل صبياً أو امرأة، لا شيء عليهما من الدّية بخلاف الرجل، باعتبار أنه أحد العواقل؛ لأنه ينصر نفسه، وهذا لا يوجد فيهما، والفرض لهما من العطاء للمعونة لا للنصرة، كفرضِ أزواج النبي عليه الصلاة والسلام ورضي الله عنهن. بمعنى أن فرض المال لأزواج النبي عليه الصلاة والسلام إنما كان للمساعدةِ والمعونة وليس كونهن من أهل النصرة كالرجال.
المختلف في دخولهم العاقلة:
والمختلف في دخولهم هم الفقير وأب الجاني وأولاده والعديد والجاني نفسه وبيان ذلك هو كالآتي.
1 الفقير:
واختلف الفقهاء في دخول الفقير العاقلةِ على مذهبين:
المذهب الأول: لا يدخل الفقير العاقلة ولا يتحمل من الدّية شيئاً، وهو مذهب الحنفية والمالكية والشافعية وروايةً راجحة عند الحنابلة. واستدلوا أصحاب المذهب الأول بالقرآن الكريم قال تعالى: “لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ ۖ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ۚ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ۚ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا” الطلاق:7.
المذهب الثاني: يدخل الفقير في العاقلة، ويتحمل جزاءً من الدّية، وهذا مذهب الحنابلة في روايته. وأدلة هذا المذهب، قالوا بأن الفقير من أهل النصرة، ومن يُدخل العاقلة، ويتحمل من العقل. والراجح هنا أن الفقير لا يدخل في العاقلة، ولا يتحمل من الدّية شيئاً؛ لأن تحملُ العقل مواساة فلا يلزم الفقير كالزكاة، ولأنها وجبت على العاقلة تخفيفاً عن الجاني، فلا يجوز التثقيل بها على من لا جناية منه، وفي إيجَابها على الفقير تثقيل عليه وتكليف له بما لا يقدر عليه.
2. العديد:
وهو الرجل يدخل نفسه في القبيلة ليُصبح منها، وليس له فيها عشيرة، فينضمُ إلى عشيرة، يُقالا: هو عديدُ بني فلان، وفي عِدادهم بالكسر أي يُعدّ فيهم. وقد اختلف الفقهاء في العديد، هل هو من العاقلة أو لا؟ وجاء هذا على قولين:
القول الأول: يدخلُ العديد من العاقِلة، بناءً على أن التناصر حاصلٌ به، وهو مذهب الحنفية.
القول الثاني: لا يدخل العديد العاقِلة؛ لأن العقل عند هؤلاء محصور في عصبات الجاني، والعديد ليس منهم، وهو مذهب الشافعية والحنابلة.
3. الجاني:
وكان للفقهاء في دخول الجاني العاقلة ومشاركته في دفع الدية مذهبان:
المذهب الأول: يدخل العاقِلة، ويُشارك في دفع الدية، وهو مذهب الحنفية والمالكية.
المذهب الثاني: لا يدخل الجاني العاقِلة، ولا يجب عليه شيء من الدية، وهو مذهب الشافعية والحنابلة.
ترجيح الأقوال والمناقشة:
- الجاني يدخل العاقلة ويتحمل من الدية.
- واشتراك الجاني مع أفراد العاقلة يكون التآزر والتعاضد أتم وأكمل، ونضيف إلى ذلك أنه ليس من المقبول عقلاً إسقاط الدية عن الجاني وتكليف غيره بها؛ لأن ذلك يؤدي إلى إيغار صدور أفراد العاقلةِ عليه، والعرف القائم بين الناس جميعاً سواء كان قديماً أو حديثاً وهو دفع الجاني الدية واشتراكه في حالات القتل.
- إن عدم تكليف الجاني بتحمل شيء من الدية يدفعه إلى التهاون في دماء الناس، والجرأة على الجناية، وهذا مخالف لمقصد الشرع في دفع الديات.