ميراث الحمل

اقرأ في هذا المقال


ما هو الحمل ؟

الحمل: هو الولد في بطن أمّه، لا بد من رعايه حقه وحفظ ميراثه، وهو من جملة الورثه وقد ثبت ميراثه بالسنه النبوية، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا استهل المولود ورث) واستهل: رفع صوته بالبكاء عند الولادة.  

وعن جابر بن عبد الله قال: (قضى رسول الله: لا يرث الصبي حتى يستهل) ومن هنا قرر فقهاء الشريعه أنّ الحمل من جملة المستحقين، إذا قام به سبب من أسبابه وتوفير فيه شرطان.

الشرط الأول: أن يولد حيًّا تثبت أهليته للتملك، ومذهب الحنفيه أن حياته بخروج أكثر حيًّا لأنّ للأكثر حكم الكل وذلك الأئمة الثلاثه الشافعي وأحمد، ومالك إلى أنّ حياته تثبت بخروجه كله حيًا.

ويستدل على ولادته حيًا بأي علامة من العلامات كالصراخ، والعطاس، والرضاعه،  فإن لم يظهر شئ من هذه العلامات، أو اختلف فيها فللقاضي أن يستعين بأهل الخبرة في ذلك، لمعرفة ما كان إذا حيًا أو لا.

فإذا انفصل الجنين ميتًا، أو بعضه، لا يرث، أو يورث سواء كان ذلك بجناية على أمّه أو لا، وهذا على مذهب جمهور الفقهاء، وقد خالفهم الحنفية فقالوا: إنّ انفصال الجنين بجناية على أمّه لا يمنع إرثه.

الشرط الثاني: أن يكون الحمل موجودًا في بطن أمّه وقت موت ورثه لأنّ الإرث خلافة، والمعدوم لا يتصور أن يكون خلفًا عن أحد، والجنين وإن لم تكن حياته متحققه وقت وفاه المورث، إلّا أنّه اعتبر حيّاً باعتبار المال، لأنّ الموجود منه في طريقه لأنّ يتكون منه شخص حي فيعطى له حكم الحياة.

ويستدل على وجود الجنين في بطن وقت وفاه المورِّث إذا ولد خلال يغلب على الظن أنّه كان موجودًا في بطن أمّه، خلال وقت وفاة مورِّثه، وتحديد هذه المدة يتوقف على معرفة أمرين:

أولًا: أكثر مدة الحمل: لما لم يرد فيها نص من كتاب الله أو سنَّة رسوله اختلفت آراء الفقهاء فيها:

  1. قال المالكية : أكثرها خمس سنين.
  2. وقال الشافعية: أكثرها أربع سنين وهو قول للمالكية والحنابلة.
  3. وقال الحنفية: سنتان وهي رواية عن أحمد.
  4. وقال الظاهرية: تسعه أشهر.
  5. وقال محمد بن عبد الحكم من المالكية: أكثرها سنة هلالية أي (354) يومًا.

إلّا أنّ الملاحظ أنّ الولادة تحصل في الأعم الأغلب لتسعه أشهر، على فهذا نادر وهذا ما ذهب إليه الظاهريه، ويميل بعض العلماء إلى ترجيح الرأي القائل إلى أكثر مدّة الحمل تسعة أشهر، وهذا ما ذهب إليه الظاهرية، وقريب منه قول محمد بن عبد الحكم من المالكية.

وثانياً: أقل مدّة الحمل: ذهب جمهور الفقهاء إلى أن أقل مدّة الحمل ستّة أشهر، مستدلين في هذه إلى:

قوله تعالى (وَحَمۡلُهُۥ وَفِصَـٰلُهُۥ ثَلَـٰثُونَ شَهۡرًاۚ) مع قوله تعالى (وَفِصَـٰلُهُۥ فِی عَامَیۡنِ) فإن مقتضى كون مدة الحمل والفصال ثلاثين شهرًا، وأنّ الفصال في عامين، يكون الحمل في ستة
أشهر، لأنّه المقدارالباقي بعد إسقاط العاملين.

غير أنّ الولادة لستة أشهر نادرة، فالعادة المستمرة كون الحمل أكثر من ستة أشهر.

بعد هذا نقول: إمّا أن يكون الحمل من الميت، وإمّا أن من غيرة، كمن يموت وزوجة ابنه حامل.

  • فإن كان الحمل من الشخص الذي مات بأن ترك زوجتة حاملًا منه، وكانت الزوجية وقت الوفاة قائمة بينهما، فإن وضعت حملها لأكثر مدّة حمل فأقل، فإنّ الولد يثبت نسبه من الميت ويرثه لتحقق شرط استحقاق الإرث، وهو وجود الحمل وقت وفاة مورثه وقد علم بذلك بولادتة لأقل من أكثر مدّة الحمل.
  • وإن كان الحمل ثابتًا بالنسب من غيره، بأن ترك امرأه أبيه، أو جده أو نحوهما، من ورثته حاملًا، ولا حاجب من الورثة لهذا الحمل فإن ولدته أمّه لأدنى من أقل مدة الحمل بعد موت المورِّث، ورث ذلك الولد من الميت، لأنّه قد تحقق وجوده في البطن حال موت مورثه، وأمّا إن جاءت به لأكثر من أقل مدّة الحمل فلا يرث، إذا لم يتيقن وجوده حين موت المورث.

ما يوقف للحمل:

الحمل من المستحقين للإرث بإجماع الفقهاء بالشرطين السابقين، ولكنّهم اختلفوا بعد ذلك فيما يوقف له من التركه وهذه آراء الفقهاء في هذا الشأن.

  1. روي عن أبي حنيفة أنّه يوقف للحمل نصيب أربعة بنين، أو أربع بنات، أيهما أكثر بهذا أخذ مالك.
  2. وقال الشافعي: لا يدفع إلى أحد الورثة شئ من التركة إلّا من كان له فرض لا يتغير بتعدد الحمل، فإنّه يدفع له فرضه ويترك الباقي إلى أن ينكشف الحال.
  3. وروي عن محمد بن الحسن أن الجنين له نصيب ثلاثة بنين أو ثلاثة بنات أيّهما أكثر، ورواية عنه أنّه يوقف للحمل نصيب، أبنين، أو بنتين أيهما أكثر.
  4. وعن أبي يوسف أنّه يوقف له نصيب ابن واحد أو بنت واحدة أيهما أكثر، استنادًا إلى الغالب المعاد، ويؤخذ كفيل من الورثة الذين ينقص استحقاقهم عند تعدد الحمل، لاحتمال أن يظهر متعدداً، وهذا من باب الاحتياط كي لا يضيع عليه بعض نصيبه.

شارك المقالة: