هل تحمل العاقلة أرش الجراحة؟

اقرأ في هذا المقال


العاقلة:

لقد كان للعلماء عدةُ أقوالٍ في العاقلة وكان سبب تسميتها بهذا الاسم هي:
إنهم يمنعون القاتل أي يحمونه ويُدافعون عنه، فهنا العقل هو المنع.
وإنهم الذين يعقلون الإبل بفناء مستحقهِ من أولياء دم المقتول.
إنهم الذين يتحملون عن الجاني العقل أي الديّة.
أنهم يعقلون الدماء من أن تُسفك.
أنهم يعقلون لسانَ وليّ الدم.

تحمل العاقلة أرش الجراحة:

بعد النظر في مصادر الفقه المختلفة واستقرائِها والمقارنة بين أقوال العلماء فقد تبين لنا أن هذه المسألة هي محلُ خلافٍ بين العلماء. وفيما يلي تحريرُ محلُ النزاع لهذه المسألة.
لقد قام العلماء بالاتفاقِ على أن العاقلة لا تحملُ الأرش الواجب بجناية العمدِ المحض، وإنما يتحملها الجاني وحده في ماله، وذلك بياناً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “لا يجني جانٍ إلا على نفسه”.
أما العلماء فقد اختلفوا في تحملِ العاقلة الأرش الواجب بجناية شبه العمد والخطأ على مذهبين وهما:
المذهب الأول: إن الأرش الواجبِ بجناية شبه العمد والخطأ على العاقلة، وهذا كان رأي جهمور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة، واشترط المالكية والحنابلة في وجوبه على العاقلة ألا يقل أرش الجراحة عن ثُلث الديّة؛ مثل أرش الجائفة، فإن قلّ ففي مالِ الجاني.
المذهب الثاني: هو أن الأرش الواجب بجناية شبه العمد والخطأ لا تتحملهُ العاقلة إلا إذا بلغ أرش الموضحة، أي نِصفُ عُشر الديّة، وما نقص عن نصفُ عُشر الديّة بمنزلة ضمانِ المال، فيكون على الجاني وحدهُ، فهذا رأي الحنفية؛ لأن العاقلة تتحمل، وذلك لئلا يلحقُ بالجاني الإجحاف بتحمله المال العظيم، فإن كان خفيفاً فلا إجحاف عليه بتحمله.
إن الأصل في ذلك الأمر هو حديث ابن عباس مرفوعاً إلى النبي عليه الصلاة والسلام قال: “لا تعقِلُ العواقلَ عمداً ولا عبداً ولا صُلحاً ولا اعترافاً“. رواه البيهقي في سننه.
وبالنظر إلى هذين المذهبين فقد تبين أنه لا خلاف بين العلماء على تحملِ العاقلة أرشُ الجناية شبهُ العمدِ والخطأ إذا بلغ ثُلث الديّة، وإنما الخلاف بينهم إذا نقص الأرش عن ثُلث الديّة؛ لأن الحنفية يُحمّلون العاقلة ما نقص عن الثُلث إلى نصفُ العُشر، وما دون نصفُ العشر ففي مال الجاني، وأما المالكية والحنابلة لا يحمّلون العاقلة ما نقص عن ثُلث الديّة وإن بلغَ نصف العُشر.
أما الشافعية ففي الجديد عندهم وهو الأصح أن العاقلة تحملُ ديّة أرش الجراحة شبهُ العمد والخطأ القليل منه والكثير. أما في القديم لا تحملُ العاقلة ما دون الديّة.


شارك المقالة: