أثر الحديث في طلب العلم ونشره

اقرأ في هذا المقال


لقدْ كانَتْ شريعَةُ الإسلامِ حاضِرَةً في نشر العلمْ والحَثِّ عليهِ بكلِ مظاهره، وذلِكَ لِفَضْلِ العلمِ في نقلِ البَشَرِيَّةِ منِ الظُلَماتِ إلى النُّورِ، وقدْ كانتْ أوَّلُ آياتِ القُرآنِ نزولاُ داعِيَةً إلى العلمِ بقولِهِ تَعالَى: (اقْرأْ باسْمِ رَبِّكَ الّذي خَلَقَ)، وقدْ جاءَتِ السُّنَّةُ والحديثُ مُتَمِّمَةً لدعوةِ القُرآنِ للحَثِ عليهِ، وكانَ لَها الأثَرُ العَظيمُ في بَثِّ الدَّعوَةِ إلَيْهِ في منْهَجِيَّةِ الرَّسولِ الأعْظَمِ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ في ذلِكَ، وفيما يلِي بيانُ الحديثِ في هذِهِ المُهِمَّةِ العَظيمة.

الحديثُ يبيِّنُ حكمَ طلبِ العلْمِ:

منَ المَعْلومِ أنَّ طلَبَ العلْنمِ فريضَةُ على كلِّ مُسْلِمٍ، لا سِيَّما العُلومُ التِّي لا يجوزُ لأمَّةٍ منَ الأمَمِ أنْ تَخْلوا منْها، ولقدْ كانَ منْ حديثِ رَسُولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ ما دلَّ علَى حُكمِ طلبِ العلمِ وخاصَّةً الشَّرْعِيُّ منْهُ، وقدْ دلَّتُ نُصوصُهُ علَى ذلِكَ ومنْ ذلِكَ ماجاءَ في الحديثِ الّذي يروِيهِ الإمامُ ابنُ ماجَةَ في السُّنَنِ منْ طريقِ أنَسِ بنِ مالِكَ قولٌ عليْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: (طلبُ العلْمِ فريضَةُ علَى كُلِّ مُسْلِمٍ)، وقدْ جاءَ الحديثُ ليدعوا إلَيْهِ بكُلِّ مَظاهِرِهِ الَّتِي تَقودُ الإنْسانَ إلى اسْتِخْدامِهِ بما يكْمِلُ بهِ مَهَمَّتَهُ في الإسْتِخْلافِ في الأرضِ.

مظاهر دعوة الحديثِ للعلمِ:

لقدْ جاءَ الحديثِ للدَّعوَةِ إلى طَلَبِ العِلمِ بكلِّ الأسالِيبِ والطُّرِقِ ومنْ ذلِكَ:

بيانُ فَضْلِ طلبِ العلْمِ: وفي ذلِكَ منَ الحديثِ الشَّواهِدُ الكثيرَةُ منْها ما جاءَ في الحديثِ النَّبويِّ في حديثِ أبي الدَّرْداءِ الّّذي يرْويهِ الإمامُ أبو داوو دَ في السُّنَنِ: (منْ سلَكَ طريقاُ يَطْلُبُ فيهِ عِلْماً سَلَكَ اللهُ بهُ طريقاً منْ طُرِقِ الجَّنَّةِ).
2ـ بيانُ فَضْلُ العلْمِ والعُلَماءِ: وقدْ جاءَ الحديثً مؤَكِّداً لماجاءَ في القُرْآنِ منْ فضْلِ العلْمِ والعُلَماءِ ومما جاءَ في ذلِكَ قوْلُ علَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ في أخرِ الحديثِ المّذِكورِ بِدْءاً (وإنَّ العُلَماءَ لمْ يُوَرِّثوا ديناراً ولادِرْهماً، ورَّثُوا العِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أخَذَ بِحَظٍ وافِرٍ).
الدَّعْوَةُ إلى التَّحَلِّي بِصفاتٍ تليقُ بِطالبِ العِلْمِ: وقدْ حَثَ الحديثُ النَّبويِّ طالبَ العِلْمَ إلى التَّحلِّي بِصِفاتٍ تُعينُهُ علَى طَلَبِ العلْمِ وهيَ منْ صِفاتِ الأيمانِ ومنْها: الصِّدْقُ والإخْلاصُ في طلبِ العلْمِ دونَ رِياءٍ وبذِلِ الجُهْدِ في ذلِكَ والحِرْصُ علَى نَشْرِهِ بكُلِّ ما أوتِيَ منْ سَعَةٍ وجُهْدٍ وعدَمِ كِتْمانِهِ، ومنْ ذلِكَ ما جاء في الحديثِ الّذي يرْوِيهِ في بيانِ صِفاتِ أهلِ العلْمِ ماجاءَ في حديثِ ابنِ عًمَرَ عنْ جبريلَ عنْدَما جاءَ سائِلاً النَّبيَّ عنِ الإيمانِ والإسلامِ وغيرِها (فأسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إلى رُكْبَتَيه ـ يقصِدُ النَّبيَّ ـ ووَضعَ كَفَيْهِ علَى فَخِذَيْهِ) وقالَ أهلُ العِلْمِ في ذلِكَ وهذِهِ آدابُ جَلْسَةِ طالبِ العِلْمِ.
4 ـ الدَّعْوَةُ إلى نَشْرِ العِلْمِ وعدَمِ كِتْمانِهِ: وقدْ جاءَ في الحديثِ منَ النُّصوصِ الَّتِي تَحُثً علَى نَشْرِ العلْمِ وعَدَمِ كِتْمانِهِ ومنْ ذلِكَ قولُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسَلَّمَ في الحديثِ الَّذي يرْوِيهِ أبو هريرَةَ رَضِيَ اللهُ عنْهُ: (منْ سًئِلَ عنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ ألْجَمَهُ اللهُ بِلِجامٍ منْ نارٍ يوْمَ القِيامَةِ).

النَّبيِّ ومنْهَجُهُ في العلْمِ:

لَقَدْ كانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسَلَّمَ المُعَلّمَ الأوَّلَ، حريصَاً على العلْمِ بإكمالِ الرِّسالَةِ وتَبْلِيغِها، وكانَ يُعَلِّمُ النَّاسَ بِمنْهَجِيَّةٍ تَقومُ علَى بيانِ صِفاتِ منْ يَطْلُبِ العِلْمَ وينْشُرُهُ، فكانَ سهلاً رحيماً حليماً في ذلِكَ لا يكْرَهُ السّؤالَ مِمَّنْ يَطلُبُ ذلِكَ، يجيبُ بتأنٍ ورَوِيَّةٍ بشوشَ الوَجْهِ صَبوراُ علَى السّائِلِ، يعطِي لطَلَبَةِ العْلِم طريقَ الفَهْمِ والعِلْمِ ويحُثُ علَى الإسْتِمرارِ في طلَبِ العلْمِ لما فيهِ منْ رِفْعَةِ أُمَّةِ الإسلامِ، ومُحَذِّراً منْ الإنْحِدارِ في ترْكِ طَلَبِه، وأكَّدَ على إحْترامِ العُلَماءِ ومكانَتِهمِ في حَضارَةِ الأُمَمِ بالعِلْمِ وضَرورَةِ أخْذِ العلْمِ الصَّحيحِ مِنَ الموثوقينَ منْهُمْ، وأنَّ العُلَماءَ همْ أعْمِدَةُ الدُوَلِ والحَضاراتِ، ومنْ ذلِكَ قولُهُ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ : (إنَّ اللهَ لا يَقْبِضُ العِلْمَ إنْتِزاعاً ينْتَزِعهُ منَ العِبادِ، ولكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَماءِ).

الرحلة في طلب الحديث خير مثالٍ على الحرص على العلم:

لقدْ كانَ علمُ الحديثِ والرِّحلَةُ في طَلَبِهِ خيرُ مثالٍ على اهْتمامِ الإمَّةِ بالعلمِ والعُلماءِ، ومنْهَجِيَّةُ خاصَّةُ في كيفيَّةِ طَلَبِهِ واخْتيارِ منْ هُمْ أهلُ للأخْذِ منْهمْ، ولو نَظَرْنا في جُهْدِ العُلَماءِ في التَّثَبُّتِ منْ علمِ الحديثِ لَوَجْدْنا أنَّهمُ بذلوا الجُهدَ في ذلِكَ لِيُقَدِّموا للأمَّةِ عِلْماً مُنَقَّحاُ، وليبيِّنوا أنَّ لأهلِ العلمْ فَضْلُهُمْ علَى الأمّمِّ في وُصولِ ما ينْفَعُهُمْ منَ الخبراتِ والعلمِ.


شارك المقالة: