من أهم المسائل التي ينبني عليها الإيمان بالله تعالى، التعرف على الأدلة التي تثبت وجود الخالق جل وعلا، لتحقيق الإيمان الصادق بالله تعالى، والتمكن من الردّ على الأوهام والخرافات، التي يُثيرها علماء الكلام في هذا الموضوع، وسنتحدث في هذا المقال عن الأدلة الأصيلة لوجود الله تعالى.
الدليل الأول: دليل الفطرة:
تشهد الفطرة السليمة بوجود الله تعالى، دون الحاجة إلى دليل ملموس يُثبت ذلك، فالنفس الإنسانية تنشأ على الإقرار بوجود الله تعالى وتوحيده. ورغم أن الفطرة تدفع الإنسان إلى توجيه عقله وتفكيره إلى وجود الخالق، إلا أنه قد يتأثر بالظروف والمؤثرات التي تحيط به، وتؤدي إلى انحرافه عن توحيد الله تعالى، والاتجاه إلى عبادة ما يجد عليه أهله.
ومن هنا يمكن بيان أهمية ما يغرسه الآباء، في تفكير أبنائهم ونفوسهم، وما يتلاقاه الناشئون المتعلمون من معلميهم ومربيهم، في إمكانية تبديل الفطرة التي يولد عليها الإنسان، وقد يُلقي بعض المربون على نفوس أبنائه غشاوة تتجه إلى الباطل بعيداً عن الحق والحقيقة.
وقد تنكشف تلك الغشاوات والأوهام التي حجبت الفطرة عن الحق، وخاصة عندما يُصاب الإنسان بمصيبة تُؤلمه في حياته، حيث يدرك الإنسان أنّه لا نجاة له من مصيبته، إلّا إذا أمر الله تعالى بذلك، وقد يقع في مصيبة يعجز عنها كل البشر، ولا يبقى للمُصاب من عون إلا الله جل وعلا.
الدليل الثاني: المخلوق لا بد له من خالق:
من أهم الحجج التي أقامها الدين الإسلامي على المنكرين لوجود الخالق، أنه لا بدّ للعقول أن تدرك وتُقر بوجود سبب لوجود الخلق على الأرض؛ لأنّها هذا الأمر حقيقة لا يمكن إنكارها بأي وسيلة، ويؤكد ذلك أكبر العلماء الباحثين في سر الحياة والأحياء، ويقولون أنّ المخلوقات لا تمتلك القدرة الكافية على إيجاد نفسها، أو إيجاد الآخرين، فمَن لا يقدر على منح نفسه شيئاً لا يقدر على منحه لغيره.
قال تعالى: “أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بَل لّا يُوقِنُونَ”سورة الطور 35، 36، وهذه حجة لا يمكن رفضها في المنطق، ولا في تفكير العقول السليمة، وهذا ما يسمى عند علماء المنطق بقانون السببية، ومَن يُنكر ذلك ليس باستطاعته أن يُقرّه في عقله، لكن يُكابر ويُصرّ على رأيه، ليُثبت أنه ليس على باطل.
وكان علماء الإسلام يواجهون مَن يجحد حقيقة وجود الخالق، وما زالوا حتى الآن، لكن الواقع الموجود يُجبر أصحاب العقول السليمة على الانقياد للحقيقة، التي تقرّ أنّ هناك خالقاً للخلق والكون، يستحق العبادة، ولا يمكن للخلق أن يكن موجوداً دون خالق، وهو الله سبحانه وتعالى.