أمر الله تعالى العباد بكثير من العبادات التي يجب على المسلم أن يقصد بها وجه الله تعالى وحده، ولا يجوز أن يتوجه بها العبد لغير الله تعالى، وتكون هذه العبادات بصورة قول أو اعتقاد أو فعل، ويجب تأديتها كما أمر الله تعالى، ولا يجوز الخطأ فيها؛ لأن ذلك قد يكون سبباً في شرك العبد ودخوله النار.
أنواع العبادات التي لا يجوز أن يقصد بها غير الله
الدعاء
الدعاء نوع من أنواع العبادة، لأنّ المؤمن عندما يدعو الله تعالى، يكون على يقين صادق بوجود الله تعالى، وقدرته على الاستجابة، وينقسم الدعاء إلى قسمين:
الدعاء العبادة
وهو أن يُخلص الإنسان العبادة لله تعالى، عن طريق العبادات القلبية أو البدنية أو المالية، والتي تتضمن خوف الإنسان من الله تعالى، ومحبته ورجائه، والتوكل عليه، وتأدية العبادات المفروضة من صلاة وصيام وزكاة، وما يتعلق بالأقوال مثل الذكر والتسبيح وتلاوة القرآن، الكريم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وجعل الإسلام الدعاء عبادة، فالمسلم يطلب الأجر من الله تعالى بفعل الدعاء، ويطلب العفو من الله تعالى خوفاً من عقابه. ولا يجوز توجيه الدعاء العبادة لغير الله تعالى؛ لأن هذا يُعتبر من أنواع الشرك بالله.
الدعاء المسألة
الدعاء المسألة هو أن يطلب الإنسان من الله تعالى المنفعة، وأن يُنجيه مما يضره، ويطلب من الله أن يُحقق له ذلك في الدنيا والآخرة، ويُوجّه المسلم الدعاء المسألة لله تعالى، في الأمور التي لا يستطيع أحد على منحها غير الله تعالى، وقد يُوجًّه الدعاء المسألة لغير الله تعالى، لكن في الأمور التي يقدر عليها العباد فقط.
التوسل
التوسل هو رغبة المؤمن بالتوسل إلى الله تعالى والتقرب إليه، أي أن يجعل لديه سبباً موصلاً إلى الله لإجابة الدعاء وطلب الحاجات، والفوز بقرب الله تعالى.
وجاءت الوسيلة في الإسلام بأكثر من معنى، فالمعنى الأول هو أن يطلب المؤمن التقرب إلى الله تعالى، من خلال الإيمان الصادق والعمل الصالح، فقال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ” سورة المائدة 35.
أما المعنى الثاني للوسيلة هو اسم لإحدى المنازل في الجنة، لا ينالها إلّا فرداً واحد من العباد، وهي المنزلة التي تمناها رسول الله محمد _صلى الله عليه وسلم_، عندما قال فيما رواه عنه عبدالله بن عمرو بن العاص: “سلوا لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وارجوا أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة” رواه مسلم.
ويعتبر التوسل من العبادات؛ لأن أساسه اتخاذ الوسيلة بالعمل الصالح والعبادات، للفوز برضا الله تعالى والتقرب إليه، لذلك لا يجوز التوسل بأي شيء من الأعمال أو الأقوال إلا بعد التأكد من مشروعيتها في الكتاب والسنة، لأن الهدف من التوسل التقرب لله تعالى، ولا يتم ذلك إلا بفعل ما يرضيه.
ويكون التوسل إلى الله عز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته، والمحافظة على العمل الصالح، ثم التماس الدعاء من أهل الخير.
النذر والذبح
فالنذر هو أن يُلزم العبد نفسه بفعل غير لازم، ولا يوجبه الشرع، ويكون النذر مكروهاً في الأحوال التي ينوي فيها العبد القيام بفعل، ويربط التنفيذ بتحقيق ما يطلبه من الله تعالى.
والنذر من العبادات إذا كان بنية التقرب لله عز وجل، والقيام بطاعة لنوال رضاه سبحانه وتعالى، وقد امتدح الله تعالى أصحاب النذور، الذين يوفون بها، فقال تعالى: “وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ” سورة البقرة 270.
أما الذبح فهو ما يتعلق بحكم أكل لحوم البهائم التي يقوم المسلم بذبحها، ويكون ذلك حسب القصد الذي يذبح المسلم على أساسه، ويجب أن يقصد المسلم وجه الله تعالى من الذبح، وأن يقوم بذلك بالطرق الشرعية للذبح، وألّا يكون الذبح في الأماكن التي يُذبح فيها بقصد غير وجه الله تعالى.
الاستعاذة
وهي طلب العوذ من الأمور المؤذية والمخيفة، التي قد تؤذي الإنسان، وهي أن يلتجئ العبد المسلم لله تعالى للاعتصام والتحصن منها، والاستعاذة بالله تعالى تعني أن الله تعالى هو المستحق لأنْ يفقت إليه الإنسان، وأنه هو القادر الذي يحمي من كل شيء، ولا يقدر على ذلك سواه.
وقد يوجه بعض الناس الاستعاذة بالأموات، أو الاستعاذة بغير الله، وهذا أمر غير جائز، ولا تصح الاستعاذة في الشرع إلا بالله تعالى.
الاستعانة والاستغاثة
وهي طلب العون والغوث من الله تعالى، واعتبر ذلك من العباد؛ لأن العبد يخضع وينكسر أمام الله تعالى، ويطلب العون منه، وكان ذلك من سمات الرسل عليهم الصلاة والسلام، قال تعالى: “إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ” سورة الأنفال 9.
التوكل
ومن العبادات التي يجب على المسلم أن يوجهها لله تعالى فقط هي التوكل، الذي يعتمد فيه اعتماداً صادقاً من القلب على الله تعالى، وإظهار أن الله تعالى هو الحسيب الكافي الذي يجلب المنافع ويدفع الضرر، ويتكفل بالعباد في جميع شؤون حياتهم في الدنيا والآخرة.