الإمام البخاري والرواية

اقرأ في هذا المقال


لقدْ كَانَ للحديثِ النَّبويِّ في القَرْنِ الثَّالِثِ الهجْرِيِّ تطوراً في مَجالِ التَّدْوينِ والرِّوايةِ، وأُلِّفَتْ في الحديثِ النَّبويِّ الكثيرُ منَ الكُتُبِ والمُصَنَّفاتِ الّتِي كانتْ على منْهَجِيَّة عالِيَةِ في بيانِ الصَّحيحِ والخطَأِ في الرِّوايةِ، كما ظهرَ في هذه الفتْرَةِ جَهابِذَةُ علمِ الحديثِ ومُصَنِّفيهِ كالإمامِ البخاريِّ يرْحَمُهُ الله، وسنتحَدَّثُ في هذه السُّطورِ عنْه وعن سيرَتِهِ مَع الحديثِ النَّبويِّ.

نبذة عن الإمام البخاري:

هوَ العلَّامَةُ الحافِظُ المُحَدِّثُ، أبو عبدِ الله، مُحَمَّدُ بنُ إسْماعيلَ بنِ المُغيرَةِ بنِ بَرْدَزْبَةَ البخاريُّ، منْ أعلامِ الرُّواةِ والمُحَدِّثينَ وأصْحابِ الكُتُبِ والمُصَنَّفاتِ في الحديثِ النَّبويِّ الشَّريفِ، ولِدَ في بخارَى في العام الرَّابِعِ والتِّسْعينَ بعدَ المائَةِ منَ الهِجْرَةِ النَّبويَّةِ، ورَحلَ في طَلبِ العلْمِ والحديثِ حتَّى حفِظَ الكَثيرَ منَ العلْمِ والحديثِ، وجمَعَ كِتابَة الصَّحيحِ منْ طريقِ كثيرٍ منَ المُحَدِّثينَ، وكانَ يُعْرَفُ بالحِفْظِ والذَكاءِ ، وكانتْ وفاتُهُ في العامِ السَّادِسِ والخَمْسينَ بعدَ المائَةِ منَ الهِجْرَةِ في سَمَرْقَنْدَ بعدَ مِحْنَةِ وقعَ بِها معْ أهْلِها وإتِّهامِهِ بالقَوْلِ في خَلْقِ القُرْآنِ، يرْحَمُهُ اللهُ.

سيرة البخاري مع الحديث:

كانَ الإمامُ البُخارِيُّ يرْحَمُهُ اللهُ منْ أعلامِ المُحَدِّثينَ وأصْحابِ الكُتُبِ، ولقدْ كانتْ لَهُ رِحْلَتُهُ في طَلبِ العلْمِ صغيراً ، وقدْ تَعَلَّمَ عِلْمَ الحديثَ منْ كريقِ كثيرٍ منَ العُلَماءِ المُحَدِّثينَ مكنْ أمْثالِ: عليِّ بنِ المَدِينِيِّ وأحْمَدِ بنِ حَنْبَلٍ والفَضْلِ بنِ دُكينٍ وإسْحاقِ بنِ راهَوَيْهِ وأبي بكْرٍ عبدِ اللهِ الحُمَيْدِيُّ ومُطَرِّفِ بنِ عبدِ اللهِ الشَّخيرِ وآدَمَ بنِ إياسٍ وحَيْوَةَ بنِ شُرَيْحٍ وقُتَيْبَةَ بنِ سعيدٍ ومكِّيِّ بنِ إبراهيمَ ومُحَمَّدِ بنِ سلَّامِ البيكَنْدِيِّ وغيرُهُمْ كثيرُ في أكثَرِ بِقاعِ بلادِ البشَّامِ والحجازِ والعِراقِ وغيرِها منَ المُدُنِ الإسْلاميَّةِ، وقدْ برَزَ البخارِيُّ في مجالِ رِوايَةِ الحديثِ بشَهادَةِ أكْثَرِ شيوخِهِ الّذينَ أجَازوهُ في الرِّوايَةِ والحِفْظِ ورووا أيْضاً منْ طريقِهِ الحديثَ.
أمَّا منْ روى الحديثَ منْ طريقِ الإمامِ مُحَمَّدِ بنِ إسْماعيلَ البُخارِيَّ فَهُمْ كثيرُ منْهُمْ: مُحَمَّدُ بنٌ خَلَفِ بنِ قُتَيْبَةَ وعبدُ اللهِ المَسْنَدِيُّ وهمْ منْ كبارِ شُيوخِهِ وأبو حاتِم الرَّازِي وإبْراهيمُ بنُ إسْحاقَ الحَرْبِيُّ ومُسْلِمُ بنُ الحَجَّاجِ النَّيْسابورِيُّ والإمامُ أبو عبدِ الرَّحمنِ النَّسائِيُّ والإمامٌ أبو عيسَى التِّرْمِذِيُّ وغيرُهمْ منْ كِبارِ عُلماءِ الرِّوايَةِ والتَّدْوينِ للحديثِ.

البخاري والصحيح:

لقدَ كانَ البُخارِيُّ مِنْ أوَائِلِ الّذينَ جمعوا الحديثَ النبويَّ الصَّحيحَ فقط، وقدْ جَمَعَ منَ الحديثِ الكّثيرَ منْ طريقِ كثيرٍ منَ الشُّيوخِ وأصْحابِ الرِّوايَةِ، وقامَ بوَضْعِ ما جَمَعَهُ في ميزانِ القبولِ والرَّدِ وفقَ شُروطِ في سَنَدِ الرَّواةِ والمَتْنِ، ومِنَ الشُّروطِ الّتِي اشْتَرَطَها في صحيحِهِ في رِجالِ الحديثِ: العدالَةُ والضَبْطُ واثْباتِ الإلْتِقاءِ والمُعاصَرَةِ لِمَنْ يروي الرَّاوِي الحديثَ منْ طريقِهمْ،واشْتراطُ الصِّحَةِ في المَتْنِ بِعَدَمِ مُخالَفَتنِهِ لِمَنْ هوأوْثَقُ منْهُ منَ القُرآنِ والحديثِ الصَّحيحِ الأعْلَى رُتْبَةً منْهُ، لِذلكَ يعتَبَرُ صَحيحُ البُخارِيُّ منْ أصَحِّ الكُتُبِ بعدَ القٌرْآنِ الكَريمِ بإجْماعِ أمَّةِ الإسْلامِ على مرِّ العًصورِ والأزْمِنَةِ منْ بعدِ قرنِ البُخارِيُّ.

أمّا اسمُ صحيح البخاريِّ فَهوَ: الجامِعُ المُسْنَدُ الصَّحيحُ المُخْتَصَرِ منْ أمُورِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ وسنَنِهِ وأيَّامِه، وقدْ رُتِّبَ على الأبوابِ الفقْهِيَّةِ، بتقسيمِهِ إلى كٌتٌبٍ كلُّ كِتابٍ يحْتوي على أبوابِ فقْهِيَّةِ ينْدَرِجُ تَحْتَها حديثُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ كشاهدٍ.


شارك المقالة: