التابعون والحديث

اقرأ في هذا المقال


لقد مرَّ الحديث النّبويّ الشريف بمراحل متعددة وطبقات متعددة حتى وصل الحديث متّصل السَّند حتى وقتنا الحاضر، وقد كانت بدايات الحديث مع الصّحابة الكرام الّذين عاصروا خير البشريّة محمد واستقوا من المنبع الصافي الحديث النّبويّ الشريف، وحمّلوا تلك الأمانة لخير القرون من بعدهم وهم التَّابعون، التابعون من لحقوا شيئاً من أثر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وذهبوا ليستقوا العلم من رأس نبعه صلّى الله عليه وسلّم، وهم الصحابة الّذين ساروا على أثرة واقتدوا بسنَّته، فتعلَّق بهم التابعون وأخذوا منهم لعدالتهم وقربهم من النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فمن هم التابعون؟ وماذا قدّموا لعلم الحديث؟ .

مفهوم التابعين

هنالك اختلافات بسيطة عند علماء الحديث والسِيرَ في مفهوم التابعين، فبعضهم عرَّف التابعيُّ بأنَّه من تكلَّم مع صحابة رسول الله وأخذ منهم، ومنهم من عرّف التابعين بأنّهم من لحق زمانهم، أو من لقي واحداً منهم وأكثر، وهم عند الأمام الحاكم 15 طبقة أوّلها الّذين لحقوا العشرة المبشرين بالجنّة، ومن أمثلة التابعين في هذه الطبقة التابعيّ قيس بن أبي حازم، وهو الوحيد الّذي روى عن كلِّ من بشَّرهم النّبي صلّى الله عليه وسلّم بالجنّة، وآخر طبقات التابعين من شهد آخر الصّحابة موتاً كالصّحابي أنس بن مالك والسائب بن يزيد، ومن رجال هذه الطَّبقة من التابعين الإمام أبو حنيفة.

التابعون وفضلهم في الحديث

لا شكَّ في أنَّ التابعين خير قرن بعد عهد الصّحابة رضوان الله عليهم، وقد أثنى الله تعالى عليهم بعد الصّحابة في قوله تعالى في سورة التوبة :(( والسَّابقون الأوّلون من المهاجرين والأنصار والّذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعدّ لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم))، ويقول النّبي صلّى الله عليه وسلّم في الحديث الصحيح الّذي يرويه البخاريّ عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنّ النّبيّ عليه الصّلاة والسلام قال:(( خير الناس قرني ثمَّ الّذين يلونهم))، وقد كان للتابعين رضي الله عنهم فضل كبير في نقل الحديث النّبويّ الشريف إلى الأجيال من بعدهم، حتى وصل إلينا بسند متَّصل تداولته الأمَّة الإسلاميّة، فهم الّذين أخذوا العلم مباشرة من المرجع الأوّل وهم الصّحابة رضوان الله عليهم، ومن أشهر التابعين من المحدّثين: الحسن البصريّ وزيد بن أسلم وسالم بن عبدالله بن عمر وسعيد بن المسيّب والشَّعبي وعبدالله بن الزبير بن العوام وغيرهم كثير رحمهم الله جميعاً وجزاهم عن الأمَّة الإسلاميَّة خير الجزاء.

عدالة التابعين

لقد دخل التابعون في ميزان القبول والرَّفض والعدالة في الحديث، وذلك لظهور الفتن بعد عصر الصّحابة رضوان الله عليهم، بالتحديد بعد زمن التحكيم بين عليّ ومعاوية، فوضعت أحاديثهم في ميزان الضَّبط والتحقيق وتحت شروط القبول، وكانوا في اختبار علم رجال الحديث، وهم في ذلك أقلُّ درجة من الصّحابة رضوان الله عليهم، الّذين شهدت لهم الأمّة الإسلامية بالعدالة لما كانوا عليه من القرب برسول الله صلّى الله عليه وسلّم.


شارك المقالة: