الجرائم المخلة بأمن الحكومة من الداخل:
تدخل أهم الجرائم المخلة بأمن الحكومة من جهة الداخل في جرائم البغي، ويُعتبر الجناة فيها من أهل البغي، وأيضاً يستحقون عقوبات البغاة. أما الجرائم التي تمس أمن الحكومة من جهة الداخل غير البغي، فإنها تدخل تحت القاعدة العامة في الشريعة الإسلامية، فيُعاقب عليها بالتعزير؛ لأنها من الجرائم التي ليست فيها عقوباتٌ مقدرة.
بعض الأمثلة الداخلة في هذا النوع من العقوبة:
ومن أمثلة الجرائم الداخلة في هذا المجال تمنى الجند والقوة لشق عصا الطاعة والخروج على الحكومة القائمة، فإن هذا إذا ثبت، فإنه يستحق التعزير الشديد، وذلك دفعاً للفتنة. وإذا كان تمني ما تقدم وطلبه جريمة تستوجب التعزير فكل ما من شأنه التمهيدُ للفتنة، أو أن إحداثها يُعتبر من الجرائم التي تستوجب التعزير، وهذا من باب أولى.
وليس هذا المسلك بمستغرب من الشريعة الإسلامية، تلك الشريعة التي تبغي النظام والاستقرار ونشر السكينة والطمأنينيةِ في دار السلام، ولا عجب أن يكون هذا من الشريعة الإسلامية؛ لأن المظالم التي ترتكب في الفتنة تفوق كثيراً مظالم الحاكم الظالم، والضررُ الأخف يتحمل اتقاء للضررِ الأشد.
المشتبه فيهم:
قد تدعو المصلحة لمعاقبة بعض الأشخاص، لا لارتكابهم بعض جرائم معينة، بل لحالتهم الخطرة الناجمة عن الحكم عليها أكثر من مرة في بعض الجرائم أو عن اشتهارهم بالاعتياد على ارتكاب بعض الجرائم. وهذا الإجراء من المشرع ذو فائدة كبيرة، وله أثرٌ كبير في استتاب الأمن في البلاد ومنع ارتكاب الجرائم فضلاً عن أنه يؤدى إلى إصلاح بعض المجرمين الخطرين.
والشريعة الإسلامية، هي شريعةُ كل عصر ومكان، لم تغفل مثل هذه الحالة، إذ يمكن فيها العقاب على مجرد الاعتياد على ارتكاب بعض الجرائم، أو على الاشتهار بارتكابها دون أن تكون هناك جريمة قد ارتكبت بعينها.
ومن الأمثلة المتنوعة على المشتبه فيهم متنوعة ومنها، قال الفقهاء بتعزير من يعرف أو يتهم بالسرقة، ولو لم يرتكب سرقةً جديدة، وذلك بالحبس حتى يتوب. وكذلك من يعرف أو يتهم بارتكاب جرائم ضد النفس، مثل القتل والضرب والجرح، فإنه يمكن تعزيره على ذلك، دون أن يكون قد ارتكب جريمة جديدة. والذي قيل في السرقة وجرائم الاعتداء على النفس يُقال في غيرها ويمكن تعزيره كل من اعتاد ارتكاب الجرائم؛ وذلك لأنه يكون في حالة خطرة، تتطلب التوقي منها وإصلاحها بالعقاب.