إنَّ التاريخ الإسلامي مليء بالنساء اللواتي قدّمنَ كثير من الإنجازات في العلوم جميعها، وذلك إن دلّ على شيء، فإنّه يدلُّ على منزلتها المرموقة في ديننا الحنيف، ولم يُنتقَص من حقِّهنَّ، بل كانت في مقدمة من تقدّم العلم والمعرفة والمشورة، وإنَّ علم الحديث الشريف كان من العلوم التي قدّمت النساء الكثير فيهِ، وكانت من الأسانيد التي أوصلت الحديث إلينا، سواء كان ذلك من أمّهات المؤمنين، أم من نساء كنّ يذهبن للنّبيّ ــ صلّى الله عليه وسلّم ــ يسألنهُ ويستمعنَ منهُ الحديث فيَتعلّمْنَ ويُعلِّمْنَ، وينقلنَ علوم الحديث إلى من جاء بعدهنّ.
أمّهات المؤمنين والحديث
إنّ بيت رسول الله ــ صلّى الله عليه وسلّم ــ كان منبعَ علمٍ، وموردَ حديث التشريع الإلاهيّ، كيف لا ونبيّ الرحمة المُهداة فيهِ يتنقَّل بين زوجاتهِ عليه الصّلاة والسّلام، فيعلّم أمّاً للمؤمنين في حُجرة، وتستمع لهُ أخرى في حُجرة أخرى ، فظهر من بيت نبينا المصطفى من أمّهات المؤمنين مَن يكثر في رواية الحديث النّبويّ، كأمّنا عائشة بنت أبي بكر، التي كانت من كبار المكثرين من الحديث بعد أبي هريرة، وعبدالله بن عمر، وأنس بن مالك، فقد روت أمّنا عائشىة مايزيد عن 2210 حديثاً، وفيما يلي أسماء بعض أمّهات المؤمنين اللَّاتي كنّ يروينَ الحديث عن رسول الله:
1 ـ أمّ المؤمنين أم سلمة هند بنت أميه المخزومية، فقد روت عن النّبي ــ صلّى الله عليه وسلّم ــ 378 حديث، وقد روى عنها أبناؤها عمر وسلمة، وأسامه بن زيد، وغيرهم.
2 ـ أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطّاب، بنت الفاروق، ومن أعلم أمّهات المؤمنين، وقد روت عن النّبي ــ صلّى الله عليه وسلّم ــ 60 حديثاً. وروى عنها عبدالله بن عمر.
3 ـ أمّ المؤمنين، أمّ حبيبة رملة بنت أبي سفيان، صخر بن حرب ، وقد روت عن النّبي عليه السّلام ما يقارب 65 حديثاً، وقد روى عنها معاوية بن أبي سفيان ، وأخوتها الآخرون، ومولاها سالم بن سوار.
4ـ أمّ المؤمنين زينب بنت جحش، الخزيمية، وقد روت عن النّبي ــ صلّى الله عليه وسلّم ــ 11 حديثاً ، وقد روى عنها بن أخيها محمّد بن عبدالله بن جحش، وزينب بنت أبي سلمة، وغيرهم.
أمَّا باقي أمّهات المؤمنين فقد روينَ عن النّبي ــ صلّى الله عليه وسلم ــ أحداديث معدودة، تكاد لا تذكر في كُتب الحديث، إمّا لوفاة أمّهات المؤمنين قبل وفاة النّبي ــ صلّى الله عليه وسلم ــ، أو لأسبابٍ كطرقِ نقل احاديثهنَّ.
فضل أمهات المؤمنين في الحديث
ممَّا سبق يتبيَّن لنا فضل أمّهات المؤمنين في نقل الحديث، لاسيّما أنّ هناك أموراً تخصّ الزوجية، والنساء لم يروِها أحدٌ غير نساء النّبي ــ صلّى الله عليه وسلّم ــ وهي من حكم تعداد الزواج لنبي الرحمة المهداة، محمّد صلّى الله عليه وسلّم.