الخشوع في الصلاة

اقرأ في هذا المقال


قال الله تعالى:(قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) .

قال الحسن البصري رحمه الله في قوله تعالى( الذين هم في صلاتهم خاشعون)، قال كان خشوعهم في قلوبهم،
فغضوا بذلك أبصارهم، وخفضوا لذلك الجناح.
قال ابن القيم: “علق الله فلاح المُصلين بالخشوع في صلاتهم، فدّل على أن من لم يخشع فليس من أهل الفلاح، ولو اعتدَّ له بها ثواباً، لكان من المفلحين “مدارج السالكين” .

والخشوع: يأتي بمعنى لينُ القلب، ورقته، وسكونه، فإذا خشع القلبُ تبعه خشوع الجوارح؛ لأنها تابعة لها .
قال ابن القيم رحمه الله: “صلاةٌ بلاخشوعٍ ولا حضورٍ؛ كبَدَنٍ ميِّتٍ لا رُوحَ فيهِ، أفلا يَسْتَحْيِي العَبْدُ أنْ يُهديَ إلى مخلوقٍ مثلِه عبدًا ميِّتًا، أو جاريةً ميتة؟ فما ظنُّ هذا العبد أن تَقَعَ تلك الهَديَّةُ مِمَّن قَصَدَهُ بها مِن مَلِكٍ، أو أميرٍ، أو غيرِه؟! فهكذا سواءً الصلاةُ الخالية عن الخشوع والحضور، وجمْعِ الهِمَّة على الله تعالى فيها بمنزلة هذا العبد – أو الأَمَة – الميت، الذي يُريد إهداءَه إلى بعضِ الملوك؛ ولهذا لا يَقبَلها الله تعالى منه، وإنْ أَسْقَطَتِ الفرضَ في أحكام الدنيا، ولا يُثِيبُه عليها؛ فإنه ليس للعبد مِن صلاته إلا ما عقَلَ منها”.

الأمور التي تعين على الخشوع في الصلاة

  • أنّ يستحضر المسلم عظمة الباري سبحانه وتعالى، وإنه واقف بين يدي جبار السموات والأرض .
  • أنّ ينظر المسلم إلى موضع السجود، ولا يلتفتُ في صلاته . فعن أبي ذر رضي الله ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يزالُ الله مقبلاً على العبد في صلاته، مالم يلتفت، فإذا صرف وجهه، انصرف عنه)) .
  • تدبر القرآن الكريم والأذكار التي يقولها في صلاته، قال تعالى:((  أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا  )) ” محمد 24″ . فإذا تدبر المسلم أذكار الركوع، والسجود، وغيرها من الأذكار كان ذلك أوعى للقلب، وأقرب للخشوع .
  • ذكر الموت في الصلاة؛ عن أيوب رضي الله عنه، أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( إذا قُمت في صلاتك،
    فصلّ صلاة مودع ))” قطعة من حديث في مسند اللإمام احمد “.
  • أنّ يهيئ المصلّي نفسه، فلا يُصلّي وهو حاقن، ولا بحضرة طعام، قال صلى الله عليه وسلم(( لا صلاةَ بحضرة الطعام، ولا وهو يُدافعه الاخبثان )) ” صحيح مسلم”.
    وأن يزيل كل مايُشغله في صلاته من الزخارف والصور ونحوها .
  • مجاهدة النفس في الخشوع: فالخشوع ليس بالأمر السهل، فلا بدّ من الصبر والمجاهدة .
  • استحضار الثواب المترتب على الخشوع، فعن عثمان رضي الله، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:
    ( ما من امرئِ مسلم تحضرهُ صلاةٌ مكتوبة، فيحسنُ وضوءها، وخشوعها، وركوعها، إلا كانت كفارةً لما قبلها من الذنوب، مالم يؤتِ كبيرةً، وذلك الدهر كله ) .

الناس في الصلاة مراتب

  • مرتبة الظالم لنفسه المفرطُ، وهو الذي انتقص من وضوئها، ومواقيتها، وحدودها، وأركانها .
  • من يحافظ على مواقيتها، وحدودها، وأركانها الظاهرة، ووضوئها، قد ضيع مجاهدة نفسه في الوسوسة،
    فذهب مع الأفكار والوساوس .
  • من حافظ على حدودها وأركانها، وجاهد نفسهُ مع دفع الوساوس، والأفكار، فهو مشغولٌ بمجاهدةِ عدوّه؛ لئلا يسرقُ صّلاته، فهو في صلاةٍ وجهاد .
  • من إذا قام للصلاة أكمل حقوقها وأركانها وحدودها، واستغرق قلبه مراعاة حدودها؛ لئلا يُضيعُ شيئاً منها،
    بل همهُ كله مصروف إلى إقامتها كما ينبغي وإكمالها وإتمامها، قد استغرقَ قلبه شأن الصلاةِ وعبادة الله تعالى.
  • من إذا قام إلى الصلاة قام إليها كذلك، ولكن مع هذا، قد أخذ قلبه ووضعه بين يدي ربه عزوجل، ناظراً إليه بقلبه، مراقباً له، ممتلئاً من محبته وعظمتهِ، كأنه يراهُ ويشاهدهُ، وقد اضمحلّت تلك الوساوسُ والخطرات،
    وارتفعت حُجبها بينه وبين ربه، فهذا بينه وبين غيره في الصلاة أفضلُ وأعظم مما بين السماء والأرض،
    وهذا في صلاته مشغولً بربّه عزوجل .




شارك المقالة: