الخطبة على الخطبة

اقرأ في هذا المقال


حكم الخِطبة فوق الخِطبة:

الخطبة على الخطبة: يترتب على الخطبة فوق الخِطبة حرمة التقدم لخطبة المرأة ممّن كان يعلم بتمام خطبتها لغيره فقد أجمع العلماء على تحريم الخطبة الثانية على الخطبة الأولى، إذا كان قد تم التصريح بالإجابة، ولم يأذن الخاطب الأول، ولم يترك الخطبة، فإن خطب الثاني وتزوج في الحالة هذه فقد عصى، باتفاق العلماء؛ لقوله صلّى الله عليه وسلم: “لا يبع أحدكم على بيع أخيه، ولا يخطب على خِطْبة أخيه، إلا أن يأذن له “.رواه أحمد والبخاري والنسائي.
وفي رواية البخاري: “نهى أن يبيع الرجل على بيع أخيه، وأن يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب قبله، أو يأذن له الخاطب”.
هذا النهيّ صريح في تحريم الخِطبة الثانية بعد تمام الموافقة على الخطبة الأولى لخطيبٍ آخر، لما فيها من إيذاء الخاطب الأول، وتوريث عداوته، وزرع الضغينة في نفسه، فإن عدل أحد الطرفين أو أذن لغيره بالتقدم للخطبة،
جاز ذلك. أمّا إن لم تتم الخطبة الأولى، وكان الأمر في حال مشاورة أو تردد، فالأصحّ عدم التحريم، ولكن تُكره
عند الحنفية الخطبة.
وأباح الجمهور الخِطبة الثانية؛ لأن فاطمة بنت قيس خطبها ثلاثة: وهم معاوية، وأبو جهم بن حذافة، وأسامة بن زيد، بعد أن طلّقها أبو عمرو بن حفص ابن المغيرة بعد انقضاء عدتها منه، فجاءت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فأخبرته بذلك، فقال: «أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، أنكحي أسامة بن زيد”. فهذا يدل على جواز تقدم أكثر من خطيب إذا لم تقبل المرأة الخطبة، لكن يظهر أن ذلك إذا لم يعلم الخاطب أن غيره قد تقدم لخطبة تلك المرأة، مما يدل على رجحان الرأي الأول.

حالات الخِطبة على الخِطبة:

فخطبة المسلم على خطبة أخيه المسلم لها عدة حالات: منها محرمة، ومنها تباح فيها. ولأهل العلم مذاهب جاء في تفصيلها في الموسوعة الفقهية كما يلي: 

ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الخِطبة على خطبة الآخر حرام؛ إذا حصل الركون إلى الخاطب الأول، لما روى
عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:“لا يخطب الرجل على خطبة الرجل حتى يترك الخاطب قبله، أو يأذن له الخاطب”؛ ولأن فيها إيذاء وجفاء وخيانة وإفساداً على الخاطب الأول، وإيقاعاً للعداوة بين الناس، وحكى النووي الإجماع على أن النهي في الحديث للتحريم.

متى تحرم الخِطبة على الخطبة:

ذهب الشافعية والحنابلة: إلى أنه يُشترط للتّحريم أن يكون الخاطبُ الأول قد أجيب، ولم يترك ولم يعرض ولم يأذن للخاطب الثاني، وعلِم الخاطب الثاني بخِطبة الأول وإجابته، وقال الشافعية في شروط التحريم، أن تكون إجابة الخاطبُ الأول صراحةً، وتكون خطبته جائزة أي غير محرمة، وأن يكون الخاطب الثاني عالماً بحرمة الخطبة على الخطبة.
وقال الحنابلة: إن إجابة الخاطب الأول تعريضاً، تكفي لتحريم الخطبة على خطبته ولا يشترط التصريح بالإجابة.
أمّا المالكية: يشترط لتحريم الخطبة على الخطبة ركون المرأة المخطوبة، أو وليها ووقوع الرضا بخطبة الخاطب الأول غير الفاسق، ولو لم يقدر صداق على المشهور، ومقابله لابن نافع: لا تحرم خطبة الراكنة قبل تقدير الصداق.
أمّا الحالة التي تُحرم فيها الخطبة على الخطبة فليس لفاعلها عقوبةٌ محددة في الدنيا، وإنما توكّل إلى ولاة الأمر.
فعل ما ينزجر به أصحاب المعاصي عموماً، وعلى المرء أن يخاف الله تعالى ويخشى العقوبة الأخروية التي هي أشد وأشنع من العقوبة الدنيوية.


شارك المقالة: