الصلاة على النبيّ

اقرأ في هذا المقال


إنّ الصلاة على النبي ّ_ صلى الله عليه وآله وسلم _ يكون من أجل الطاعات، وأفضل العبادات، وأزكى القُربات
وهي” من أصول الأذكار في الإسلام، ومن أعظمها .
وقد ” أمر الله تعالى بها المؤمنين، على أبلغ أسلوبٍ في التأكيد، وأكمل وجهٍ في الترغيب ” فقال تعالى .
((  إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56) ” الأحزاب” .
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى :
” المقصود في هذه الآية الكريمة أنّ الله سبحانه وتعالى أخبر عباده بمنزلةِ عبده ونبيّهِ عندهُ في الملأ الأعلى بأنّه يثني عليه عند الملائكة المقرّبين، وأنّ الملائكة تُصلّي عليه، ثُم أمر الله تعالى أهل العالم السفلي بالصلاة والتسليم عليه، ليجتمع الثناء عليه من أهل العالمين: العلوي والسفلي جميعاً ” .
وقال العلامة ابن القيم رحمه الله:
” والمعنى أنه إذا كان الله وملائكته يصلون على رسوله صلى الله عليه وسلم، فصلّوا أنتم_ أيضاً عليه؛ فأنتم أحقّ بأنّ تصلّوا عليه وتسلّموا تسليماً، لما ناكم ببركة رسالته ويُمن ِ سفارتهِ من خير شرف الدنيا والآخرة ” .

أيضاً كما أفاضت الأحاديث الصحيحة في الترغيب في إكثار الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والترهيب في تركها عند ذكره صلى الله عليه وسلم وأهمها .

  • فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
    ” من صلّى عليَّ صلاةً واحدةً، صلّى اللهُ عليهِ عشراً ” أخرجه مسلم والترمذي .
  • وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:
    ” من صلّى عليَّ صلاةً واحدةً، صلّى اللهُ عليه عشرَ صلواتٍ، وحطَّ عنهُ بها عَشرُ سيئاتٍ، ورفعهُ بها عشر درجاتٍ ” .
  • وعن أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنه، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مسرورٌ فقال:
    “إنّ الله يقول : أما ترضى أن لا يصلي عليك عبد من عبادي صلاة إلا صليت عليه بها عشرا ، ولا يسلم عليك تسليمة إلا سلمت عليه بها عشرا ؟ قلت : بلى أي رب ” .
  • وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه، أنّه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
    ” إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول، ثم صلّوا عليَّ فإنه من صلّى علي واحدة صلّى الله عليه بها عشرًا، ثم سلوا الله الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة ” .
  • وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:
    ” إنَّ لله ملائِكَةً سَيّياحين، يُبلّغُوني عن أُمتي السَّلام ” صحيح الترغيب .
  • وعن الحسن بن علي رضي الله عنه، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
    “حَيثُما كُنتم فَصَلّوا عليَّ، فإنّ صلاتكُم تبلغُني “.
  • وعن أنس بن مالك أنّ النبي صلى الله عليه ويلم قال:
    ” أكثروا الصّلاة عليَّ يوم الجمعة وليلةَ الجُمعةِ، فمّن صلّى عليَّ صلاةً صلّى اللهُ عليهِ عشراً ” .
  • وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
    ” ماجلس قومٌ مجلساً لم يذكروا الله فيهِ، ولم يُصلّوا على نبيّهم، إلاّ كانَ عليهم ترِةً، فإنّ شاء عذّبَهُم، وإن شاءَ غفرَ لهم ” .
  • وعن سعيد المقبري محمد بن عجلان واختلف عليه فرواه الليث بن سعد عن ابن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة ” أن كعب الأحبار قال يا أبا هريرة احفظ مني اثنتين أوصيك بهما إذا دخلت المسجد فصل على النبي صلى الله عليه وسلم وقل اللهم افتح لي أبواب رحمتك وإذا خرجت من المسجد فصل على النبي صلى الله عليه وسلم وقل اللهم احفظني من الشيطان “ .
    فبعد تعرفنا على هذه الأحاديث الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم، فعلينا أنّ نعمل بها لتحضى بحياةٍ طيبة وأن تسعد في الدنيا والآخرة .
    فقال تعالى: ((  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) . ودلالة هذه الآية الكريمة هي أنّ تكثر من الصّلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في سائرِ أوقاتك، فإنك تنالُ بها عند الله صلاةً منهُ عليك، ويرفعُ درجتك، ويكثر في حسناتك، ويمحو من سيئاتك، ويكفيك هموم الدنيا والآخرة .

أهم الفوائد والثمرات الحاصلة بالصلاة على النبيّ

  • امتثال أمر الله سبحانه وتعالى .
  • موافقته سبحانه في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، وإنّ اختلفت الصلاتان، فصلاتنا على النبيّ عليه الصلاة والسلام هي دعاءٌ وسؤال، وصلاة الله تعالى عليه ثناءٌ وتشريف .
  • موافقة ملائكتهُ فيها .
  • حصول عشرُ صلوات من الله على المصلّي مرّة على رسول الله .
  • أنّه يرفع له عشر درجات .
  • أنّه يُكتب له عشرُ حسنات .
  • أنّه يُمحى عنه عشرُ سيئات .
  • أنّه يُرجى إجابة دعائه إذا قدّمها أمامه، فهي تصاعد الدعاء إلى عند ربّ العالمين، وكان موقوفاً بين السماء والأرض قبلها .
  • أنّها سببٌ لشفاعتهِ صلى الله عليه وسلم إذا قرنها بسؤالِ الوسيلة له .
  • أنّها سببٌ لغفران الذنوب .
  • أنّها سببٌ لكفاية الله العبد ما أهمّهُ .
  • أنّها سببٌ لقرب العبد منه صلى الله عليه وسلم يوم القيامة .
  • أنّها سببٌ لصلاة االله على المصلّي، وصلاة ملائكته عليه .
  • أنّها سببٌ لردّ النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة والسلام على المصلّي والمسلم عليه .
  • أنّها سببٌ لطيب المجلس، وأنّ لا يعود حسرةً على أهله يوم القيامة .
  • أنّها تنفي عن العبد اسم البخل إذا صلّى عليه عند ذكره، صلى الله عليه وسلم .
  • أنّها ترمي صاحبها على طريق الجنة، وتخطئ بتاركها طريقها .
  • أنّها تنجي من نتن المجلس الذي لا يذكر فيه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ويحمد الله الله ويثني عليه فيه، ويصلّي على رسوله صلى الله عليه وسلم .
  • أنّها سببٌ لإبقاء الله سبحانه وتعالى الثناء الحسن للمصلّي عليه بين أهل السماء والأرض؛ لأنّ المصلّي طالبٌ من الله أن يثني على رسوله ويكرمه ويشرّفه، والجزاء من جنس العمل، فلا بدّ أنّ يحصل للمصلّي نوعٌ من ذلك .
  • أنّها سببٌ للبركة في ذات المصلّي وعمله وعمره وأسباب مصالحه، لأنّ المصلّي داعٍ ربّه أنّ يبارك عليه، وعلى آله، وهذا الدعاء مستجاب، والجزاء من جنسهِ .
  • أنّها سببُ لنيل رحمة الله له، لأنّ الرحمة، لأنّ الرحمة إمّا معنى الصلاة، كما قالهُ طائفةٌ، وإما من لوازمها وموجباتها على القول الصحيحِ، فلا بُدّ للمصلّي عليه من رحمة تنالهُ .
  • أنّها سببٌ لدوام محبته للرسول صلى الله عليه وسلم وزيادتها وتضاعفها . وذلك عقدٌ من عقود الإيمان الذي لا يتم إلاّ به؛ لأنّ العبد كلما أكثر من ذكر المحبوب واستحضار محاسنه ومعانيه الجالبة لحبّه، تضاعف حبّه له، وتزايد شوقهُ إليه، واستولى على جميع قلبه .
  • أنّها سببٌ لهداية العبد وحياة قلبه، فإنه كلّما أكثر الصلاة عليه وذكرهُ، استولت محبته على قلبه، حتى لا يبقى في قلبه معارضةٌ لشيءٍ من أوامره، ولا يوجد شكٌّ في شيء مما جاء فيه، بل إنّ ما جاء به مكتوباً مسطوراً في قلبه، ولا يزال يقرؤه على تعاقب أحواله، ويقتبس الهُهدى والفلاحَ وأنواع العلوم منهُ، وكلّما ازداد في ذلك بصيرةً وقوةً ومعرفةً، ازدادت صلاته عليه صلى الله عليه وسلم .
  • أنّ الصلاة عليه صلّى الله عليه وسلم أداءٌ لأقلَّ القليل من حقّه، وشكرٌ له على نعمته التي أنعم الله تعالى بها علينا، مع أنّ الذي يستحقهُ من ذلك لا يُحصى عِلماً ولا قدرةً، ولا إرادةً، ولكن الله سبحانه وتعالى لكرمه، رضي من عبادهِ باليسير من شكرهِ، وأداء حقه .
  • أنّها متضمنةٌ لذكر الله وشكره، ومعرفة إنعامه على عبيده بإرساله، فالمصلّي عليه صلى الله عليه وسلم قد تضمّنت صلاتهُ عليه ذكر الله تعالى، وذكر رسوله، وسؤاله أن يجزيه بصلاته عليه ما هو أهلُه، كما عرّفنا أسمائه وصفاته، وهدانا إلى طريق مرضاته، وعرّفنا ما لنا بعد الوصول إليه، والقدوم عليه، فهي متضمنةٌ لكلّ الإيمان، بل هي متضمّنة للإقرار بوجود الله تعالى وعِلمهُ وسمعهُ وقدرتهُ وإرادتهُ وصفاتهُ وكلامهُ، وإرسال رسولهُ، وتصديقهِ في الأخبار كلّها، وكمالِ محبتهِ، ولا شكّ أنّ هذه هي أصول الإيمان .
    فالصلاة عليه متضمنةٌ لعلم العبد ذلك، وتصديقه به، ومحبتّه له، فكانت من أفضل الأعمال .
  • أنّ الصلاة عليه من العبد هي دعاء العبد وسؤاله من ربّه تعالى نوعان :
    _ أحدهما: سؤالهُ حوائجهُ ومُهماته وما ينوبه في الليل والنهار، فهذا دعاء وسؤال، وإيثار لمحبوب العبد ومطلوبه .
    _ سؤاله أنّ يُثني على خليله وحبيبه صلى الله عليه وسلم، ويزيد في تشريفه وتكريمه وإيثاره ذكره ورفعه .

شارك المقالة: