الفُضَيْل بن عِياض (عابد الحرمين)

اقرأ في هذا المقال


اسمهُ ونسبهُ:

هو الإمام المُحدّث الفُضَيل بن عِياض التَّميميّي الخراسانيّ، لقّب بعابد الحرمين؛ لكثرة عبادتهِ وزهدهِ، وقد كان معظم حياتهِ في أرض الحرمين الشريفين، وكان من أشهر علماء الحديث في القرن الثاني، وكان عليه ــ رحمات اللهِ ــ مرجعاً لأهل الحديث الشريف بعد زمن قضاهُ في المعاصي والمُنكّرات، وقطع الطَّريق على المسلمين، ولهُ قصّة توبتهِ، وسنذكرها لاحقاً.

وكان الفُضَيل بن عياض من جيل تابعي التابعين، روى كثيراً عن التابعين، وكان متابعاً لأخبار من يروي عنهم.

نشأته رحمهُ الله تعالى وولادتهُ:

لقد ولد العالم الجليل الفضَيْل بن عياض في سمرقند، وهي إحدى المناطق التي توجد في أُوزباكستان، وكانت ولادتهُ سنة 107 للهجرة النّبويّة الشريفة، كان بأول حياتهِ يعيش في غياهب المعصية والفجور، وبعيداً كلَّ البُعد عن طلب العلم الشَّرعي إلى أن شاء الله بحكمتهِ أن يصل إلى أول طريق الهداية، ويُكمل مشواراً طويلاً صعباً في طلب العلم، قَطَعهُ بجهدٍ كبيرٍ في مُلازمة أهل العلم والحديث والفقه، وليصبح في مرحلة مُتقدّمة من حياته أحد أهمّ مراجع الحديث النّبويّ الشريف في زمانهِ، وعابداً زاهداً في الدُّنيا وملذّاتها، وأثنى عليهِ علماء الحديث الكبار بالعلم والمعرفة ورجحان العقل ومرجعية الحديث، فها هو عالمنا الجليل سفيان بن عيينة ــ رحمه الله تعالى ــ قد شهد بثقتهِ في الحديث وكان كلّما رأى الفضيل يقبّل يديهُ.

قصّة توبة الفضيل بن عياض:

كان عالمنا الجليل قد مرّ في حياته بمعاصٍ كبيرة، جعلته بعيداً عن طلب العلم صغيراً، فقد روي عن الفُضَيْل بن عياض: أنّهُ كان قاطع طريق يمضي حياته بين المعاصي وقطع الطريق على المارَّة، وكان يحب فتاة ويجتمع بها ليلاً، وبينما هو ذات ليلة يريد الدخول إلى بيت تلك الفتاة، ويتسلّق جدار بيتها، وإذ بأحد المُصلّين يقرأ في صلاته قول الله تعالى: ((ألم يأنِ للّذين آمنوا أن تخشعَ قلوبُهم لذكرِ اللهِ وما نزلَ من الحقِّ ولايكونوا كالّذين أُوتوا الكتابَ من قبل فطالَ عليهم الأمدُ فقست قلوبُهم وكثيرٌ منهم فاسقون)) فوقعت هذه الآية في قلب الفُضَيْل، وأجهش بالبكاء، ثمً مشى حتى وجد قافلة يخاطبون بعضهم، أن ينتظروا للصّباح حتى لايقعوا في يد الفُضَيل بن عياض فإنّه قاطع للطَّريق، فتألم الفضَيل لما سمع منهم، وحزن على ماكان منهُ، وتاب إلى الله لِما كان منهُ من عملٍ يعصي الله به ويهزُّ أمن المسلمين.

شيوخهُ وتلاميذهُ:

روى الفُضَيل عن كثير من علماء التابعين ــ رحمهم الله تعالى ــ كالأعمش، والثوري، وهشام بن حسّان وغيرهم ــ رحمهم الله جميعاً ــ وروى عنه كثيرٌ من العلماء وتابعي التابعين ومن بعدهم من أمثال: الثوريّ والشافعيّ، وبشر الحافي وكان متأثّراً ببشر الحافيّ.

وفاتهُ رحمه الله تعالى:

توفي عالمنا المُحدّث الفُضَيل بن عِياض في مكّة المكرّمة، وكانت وفاتهُ سنة187 للهجرة النّبويّة، ولازالت سيرتُهُ العطرة إلى يومنا هذا يتناقلها طلبة العلم والعلماء.

رَحِمَ الله الفُضَيل وجزاهُ عن الأمة الإسلامية خير الجزاء.


شارك المقالة: