مسائل تتعلق بصلاة الجماعة:
هناك بعض المسائل التي تتعلق بصلاة الجماعة وتشمل على أقل الجماعة أو من تنعقد بهم الجماعة وتشمل أيضاً على أفضل الجماعة، وأفضلية المساجد التي تُقام فيها الجماعة وحضور النساء إلى المساجد.
أقل الجماعة أو من تنعقد به الجماعة:
لقد ذهب الحنفية والشافعية بأن أقلُ الجماعة هم اثنان: الإمام والمأموم وحتى وإن كان صبيّ، أما عند الحنابلة والمالكية، فقد قالوا إلى أن الجماعةِ لا تنعقدُ مع صبيٍ مميز، لكن عند الحنابلة في فرض لا نفلَ فتصبحُ به؛ وذلك لأن لا يصلحُ إماماً في الفرض، ويجوز أنّ يؤم صغيراً في نفل؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام أمَّ ابن عباس، وهو صبيٌ في التهجد.
ما هي أفضل الجماعة:
أفضل الجماعةُ في المسجد لغير المرأة أو الخنثى أفضل منها في غير المسجد، مثل البيت؛ وذلك لأن المسجد مُشتملٌ على الشرف والطهارة وإظهارِ الشعائر. لا يجب على النساء أداء أي صلاة من الفرائض الخمس في جماعة، وصلاتهن في بيوتهن خير لهن من صلاتهن في المساجد، سواء كانت فريضة أم نافلة، لكنها لو أرادت الصلاة في المسجد لا تمنع من ذلك على أن تتأدب بآداب الإسلام، في خروجها وفي صلاتها، وبأن تخرج متسترة غير متطيبة وتصلي خلف الرجال. وإنّ أقيمت صلاة الجماعة في البيت فالأفضلُ للمرأة بأن تصلي معهم ولا تصلي منفردة، سواء كانت الجماعة نساءً أو رجالاً من محارمها.
فقد روى ابن أبي شيبة في عن أمّ الحَسنِ: “أَنها رَأَت أُمَّ سَلَمَة زوج النبِي صلى الله عليه وسلم تَؤُمُّ النِّسَاء، تَقُومُ مَعهُنّ فِي صفهن”، وصححه الألباني في تمام المنة.
وروي عن ابنِ عمَرَ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى اللَّه عَليهِ وَسلّم: “لَا تمنعوا نساءَكم المساجِدَ، وبيوتهن خَير لهن”: وصححه الألباني.
إن المرأة تجد الخشوع أكثر في الصلاة وهي بنفسها، فالأفضلُ أنها إذا أقيمت جماعة في البيت أن تصلي معهم، حتى تُحصل فضل ثواب الجماعة، وهو فضلٍ عظيم وحتى لا يكون تركها الصلاة مع هذه الجماعة سبباً لإساءة الظن بها، مثل كراهتها للإمام أو الجماعة. ويخشى أن يكون شعورها بالخشوع أكثر في صلاتها منفردة مجرد وهم، يريد الشيطان بذلك أن يمنعها من هذا فضل صلاة الجماعة. فالمطلوب هنا أن تصلي مع جماعةِ البيت، وتجتهدُ في الخشوعِ في الصلاة.
أفضلية المساجد التي تقام فيها الجماعة:
قال الحنابلة: إنّ كان البلد ثغراً، وهو المكان المخوف، فمن الأفضل لأهل البلد أن يجتمعوا في مسجدٍ واحد. وذلك لأنه أعلى للكلمة وأوقعُ للهيبة، والأفضل لغيرهم، فالصلاة في المسجد، وتحصيل الجماعة لمن يُصلي فيه، وذلك معدوم في غيره، أو تقام فيه الجماعة، بدون حضوره، لكن فيه جبرٌ لقلوب الإمامة والجماعة، ثم من بعد ذلك المسجد العتيق، “مسجد مكة”؛ لان الطاعة فيه أسبق.
والأفضلُ من المساجدِ هو ما كان الأفضل من المساجد: ما كان أكثر جماعة، لقوله صلى الله عليه وسلم: “صلاة الرجل مع الرجل أولى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أولى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله” رواه أحمد وأبو داود. ثم المسجد الأبعد أفضل من الصلاة في الأقرب، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: “إن أعظم الناس في الصلاة أجراً أبعدهم فأبعدهم ممشى” رواه مسلم. وذلك لكثرة حسناته بكثرة خُطاه.
حضور النساء إلى المساجد:
لقد قال الحنابلة إلى أن: يكره للنساء الشوابّ حضور الجماعة مطلقاً، لما فيه من خوف الفتنة، ولا بأس بأن تخرج العجوز في الفجر والمغرب والعشاء.
وقد قال المالكية:بانهُ يجوز خلافاً للأولى خروج امرأة متجالَّة لا أرب للرجال فيها للمسجدِ ولجماعةِ العيد والجنازة والاستسقاء والكسوف، كما يجوز خروج شابة غير مُفتنة لمسجد وجنازة قريبٍ من أهلها، أما التي يخشى منها الفتنة فلا يجوز لها الخروج مطلقاً.
أما الشافعية والحنابلة فقد قالوا أنه: من المُكروه للمرأة الحسناء أو ذات الهيئةِ شابة أو غيرها حضور جماعة الرجال؛ لأنها مظنة الفتنة، وتصلي في بيتها. ويباح الحضور لغير الحسناء إذا خرجت غير متطيبةٍ بإذن زوجها، وبيتها خير لها. لقوله صلى الله عليه وسلم: “لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وليخرجن تَفِلات” رواه أحمد وأبو داود أي غير متطيبات. وعن أم سلمة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “خير مساجد النساء قعر بيوتهنِ”.